عكست جولة الإعادة للمرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية المصرية أمس إلى أي مدى وصل الصراع بين الحزب الوطني الحاكم وجماعة"الإخوان المسلمين". وحفل يوم الاقتراع بكل أنواع المخالفات، وألقى كل طرف باللائمة على الآخر، إذ اتهم الوطني ومعه وزارة الداخلية"الإخوان"بممارسة أعمال بلطجة ومحاولة اقتحام لجان الاقتراع للتأثير على الناخبين والقضاة والاعتداء على رجال الأمن المكلفين تأمين العملية الانتخابية، وتجهيز"ميليشيات" مزودة سيوفا وزجاجات حارقة وعصيا لاستخدامها عند الضرورة. كان ذلك هو المبرر الذي أعلنه الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء إبراهيم حماد عندما سئل عن أسباب القبض على عشرات من"الإخوان"قبل أن تبدأ عملية الاقتراع، والمئات منهم خلاله. وفي المقابل تحدث قضاة ومنظمات حقوقية عن تدخلات حكومية لمصلحة مرشحي الحزب الحاكم، وعن إغلاق لجان اقتراع في وجه الناخبين ومحاولة التأثير على قضاة في لجان أخرى، واقتحام بعض اللجان بواسطة بلطجية وتهديد القضاة إلى درجة أن بعضاً منهم أوقفوا الاقتراع حفاظاً على حياتهم، واستنجد آخرون بالمحافظين أو المنظمات الحقوقية أو رجال الأمن. ودخل نادي القضاة على الخط واصدر بياناً طالب فيه بحماية القضاة المشرفين على الانتخابات في دوائر عدة ورصد تجاوزات هائلة. أما"الإخوان"فتحدثوا عن إلقاء القبض على مئات من عناصرهم ومرشحين ومنع المقترعين في قرى ومناطق لهم فيها نفوذ من التوجه إلى اللجان، وأعادوا الحديث عما حدث في الجولة الأولى من تلك المرحلة في دائرة دمنهور، وتوقعوا تبديلاً للنتائج بعد فرز الأصوات. وكانت اللجنة المشرفة على الانتخابات أحالت أمس وقائع دمنهور على النيابة العامة للتحقيق فيها، خصوصاً بعدما شهدت المستشار نهى الزيني التي أشرفت على إحدى لجان الاقتراع الفرعية بأن فرز الأصوات في تلك الدائرة انتهى إلى فوز مرشح"الإخوان"الدكتور جمال حشمت على منافسه مرشح الوطني الدكتور مصطفى الفقي الذي اعلن فوزه لاحقا. وقال الفقي ل"الحياة"إن"الإخوان يجهزون لخوض الانتخابات المحلية حتى يفوزوا في اختيار مرشحي الانتخابات الرئاسية المقبلة". ورددت دوائر الحزب الوطني معلومات عن علاقات لعائلة الزيني بجماعة"الإخوان المسلمين"، ما جعلها تشهد بوقائع تزوير ضد الفقي. ومع بدء عمليات فرز الأصوات مساء أمس زادت الاتهامات المتبادلة بين أطراف الانتخابات: قضاة تحدثوا عن تدخلات دوائر حكومية، واتهم"الوطني"الإخوان بحشد مؤيديهم خارج لجان الفرز والهتاف للضغط عصبياً على القضاة، وشكت منظمات حقوقية من إخراج مراقبيها وعدم السماح لهم بحضور عمليات الفرز. أما الإخوان فلم يتوقفوا عن الشكوى من محاولات إسقاط مرشحيهم بمن فيهم مرشح الجماعة في دائرة كفر شكر عبدالغني تيمور الذي نافس الزعيم التاريخي لحزب التجمع السيد خالد محيي الدين على مقعد الفئات، اذ قالت الجماعة إن"الحزب الوطني ساند محيي الدين بكل الوسائل سعياً إلى نجاحه وحرمان الجماعة من مقعد تسعى إلى إضافته إلى حصيلتها التي بلغت مع نهاية الجولة الأولى من المرحلة الثانية 47 مقعداً".