أثارت"القمة العالمية لمجتمع المعلومات"، التي التأمت في تونس، الكثير من الجدل في مصر، تركز معظمه حول شفافية المعلومات واتاحتها على الانترنت، واستخدامات تلك الشبكة في دول العالم الثالث والحريات الديموقراطية المرتبطة بها، والرقابة على الشبكة الدولية للكومبيوتر وغيرها. تزامنت القمة مصرياً مع حدث شد انتباه اصحاب المدوّنات الشخصية الالكترونية بلوغرز في العالم العربي، وهو فوز مصريين بجائزة عالمية على مدونتهما. شبكة عنكبوتية للبلوغرز بالتزامن مع اختتام القمة، أعلن فوز المدوّنة الشخصية للزوجين المصريين"منال وعلاء"واسمها الالكتروني manalaa.blog بجائزة خاصة من منظمة"صحافيون بلا حدود". ولاحظت المنظمة ان تلك المدوّنة تحولت الى"مؤسسة عنكبوتية"، اذ جذبت البلوغرز العرب، لا سيما المعارضين سياسياً. هموم الانتخابات المصرية أوضح عضو لجنة التحكيم ورئيس قسم حرية الانترنت في"صحافيون بلا حدود"جوليان باين إن مدوّنة"منال وعلاء"حاولت دائماً اعلاء شأن حرية التعبير وحماية حقوق الانسان والدعوة الى اجراء اصلاحات سياسية في مصر. ووصف المدونة بأنها تلعب دوراً محورياً في تطوير مجتمع متفاعل من البلوغرز مصرياً وعربياً. والحال ان مدوّنة الزوجين المصريين تتسم بدرجة عالية من الجرأة، اضافة الى تمكنها التقني. مثلاً حمّل الزوجان قاعدة بيانات الناخبين في عدد من الدوائر للمساعدة في تعريف متصفحي المدوّنة بلجانهم الانتخابية لتسهيل عملية توجههم للادلاء بأصواتهم بدلاً من تضييع الوقت بين قسم الشرطة لمراجعة الاسم، ثم اللجنة الانتخابية، ثم اكتشاف عدم وجود الاسم وهكذا. وبذا، شاركت المدوّنة في الحركات المطالبة بوضع كلمة"النهاية"أمام عقود من الجمود السياسي. وعرضت بالصور والشرح المفصل، وجهة نظر تندرج في اطار المعارضة السياسية لواقع النظام السياسي في مصر. كما تابعت الانتخابات البرلمانية في الدوائر الساخنة حيث السجالات بين الحزب الحاكم والمعارضة والاخوان المسلمين ومرشحي حركة"كفاية". وسجلت انطباعات صاحبيها عما شاهداه من حشد"غير قانوني"للناخبين وتجاوزات عدة. ودافعت مدوّنة manalaa.blog عن البلوغر المصري عبد الكريم نبيل سليمان، طالب الأزهر وصاحب الافكار النارية التي اعتبرها البعض، وربما بعض جهات امنية رسمية، مسيئة للدين الاسلامي. وقد أُلقي القبض عليه في 26 تشرين الاول اكتوبر الماضي في منزله في الاسكندرية. وأُطلق سراحه أخيراً بعد ما أمضى ستة أيام في إدارة مباحث امن الدولة في الاسكندرية و12 يوماً في سجن طُرة في القاهرة على حد ما نشره عن نفسه على موقع"الاقباط متحدون"الذي يراسله على شبكة الانترنت، وكذلك على مدوّنته الشخصية. والحال ان كريم أيضاً كتب على مدوّنته أخيراً تجربته مع الاعتقال بسبب أفكاره المنشورة على الشبكة العنكبوتية. ومما دوّنه:"لم أُسجن، فعقلي كان ولا يزال حُراً من القيود المادية والنفسية التي لم تستطع أن تمسه بسوء، وإذا كان جسدي قد سُجن فهذا ليس بجديد، كل ما في الأمر أنني انتقلت من سجن كبير إلى زنزانة تأديب ضيقة لأنني خرجت عن النص الذي الزم به 70 مليون سجين، مخالفاً بذلك العرف السائد. فظيع جداً أن يُسلب إنسان حريته بسبب رأي له أو معتقد". الحكومة لم تستوعب دروس قمة المعلوماتية وفي هذا السياق، نوّه"مركز الأرض لحقوق الإنسان في مصر"بأن الحكومة فهمت مبدأ"الحق في حرية تداول المعلومات"، الذي تردد كثيراً في اروقة" القمة العالمية لمجتمع المعلومات"، بطريقة مغلوطة تماماً. وأشار المركز إلى أن الحكومة منخرطة سياسات:"من شأنها وقف التقدم الملحوظ لانتشار شركات الإنترنت في مصر والذي يدعم الاتصال بين الشعوب، ويفتح آفاقاً جديدة". والسبب في هذا الاتهام هو استخدام القيود القانونية وأساليب التهديد والقوة ضد المواطنين من أصحاب المحلات والشركات العاملة في مجال الانترنت"بهدف خنق أي اعتراض، وتخويف ومعاقبة العاملين في هذا المجال"، بحسب تعبير المركز عينه. وكذلك أخذ على الحكومة تقاعسها عن توعية مستخدمي الكومبيوتر والعاملين في هذا المجال بأهمية التنظيم القانوني، وحقوق الملكية الفكرية، وتعزيز دور المؤسسات والشركات والمجتمع المدني والمواطنين في كفالة حقهم في الاطلاع على نتائج ومستجدات مجتمع المعلومات بهدف الالتزام بقضايا حقوق الإنسان، وحقوق المواطنين في تدفق المعلومات. ولفت إلى أن جهاز شرطة المصنفات يقوم هذه الآونة بحملات مكثفة على محلات ومستخدمي الإنترنت وشركات الكومبيوتر، ويلجأون إلى التهديد والتخويف. وبحسب شكاوى عدد من المواطنين فإن الشرطة تستولي على أجهزة الكومبيوتر وتتحفظ عليها لمدة 20 يوماً بدعوى الفحص. وانتقد المركز بشدة إجبار المحلات والشركات التي تقدم خدمات الانترنت للمواطنين على تجهيز سجلات لكل مواطن يرغب في استخدام الانترنت بالاستناد الى أوراق رسمية، مثل البطاقة، أو رخصة قيادة، أو رخصة سلاح، ويُطلب منهم رفض دخول المواطنين ممن لا يحملون إثباتاً رسمياً للهوية. ليس هذا فقط، بل يجب على أصحاب الشركات والمحلات مراقبة مستخدمي الكومبيوتر خلال استخدامهم للانترنت وكتابة تقارير عنها وتقديمها للجهات الأمنية، وإلا تم إلغاء الترخيص وتلفيق القضايا لهم بدعوى تسهيل استخدام الانترنت في قضايا مخلة بالآداب. وطالب المركز بألا تكون الاعتبارات الأخلاقية الحجة للرقابة وانتهاك حقوق المواطنين في تداول المعلومات والمعرفة، وقال ان حرية الانترنت وبقاءه ساحة مفتوحة للمواطنين يجب أن يدعما من قبل جميع المؤسسات الدولية والمحلية،"وذلك ليتم تدفق وتداول المعلومات والأفكار بحرية لدعم حقوق المواطنين في التعبير عن أنفسهم والاطلاع على كل ما هو متاح من معلومات". لم يكن هذا هو الاتهام الوحيد الذي وُجّه للحكومة المصرية في ظل الأجواء المعلوماتية في أعقاب قمة تونس. فقد انتقد تقرير منظمة"هيومان رايتس ووتش"الذي صدر قبل أيام تحت عنوان"الحرية الزائفة: الرقابة على الانترنت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، ما أسمته ب"القمع الحكومي الذي يتعرض له مجتمع الانترنت في مصر بين الحين والآخر، لا سيما أن الناشطين وكتاب الانترنت المصريين يستخدمون الشبكة العنكبوتية والبريد الإلكتروني والرسائل النصية لإشهار انتهاكات حقوق الإنسان، ولتنظيم الاحتجاجات ولتنسيق الشعارات التي تُرفع أثناء التظاهرات الاحتجاجية"، يشار إلى أن الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة كوفي أنان دعا قبل أيام من قمة المعلومات حكومات العالم إلى"تصحيح"سياساتها المتعلقة بالانترنت، والتنسيق مع الأوساط المختلفة المستخدمة للانترنت، لا سيما أن"الشبكة العنكبوتية أصبحت على مدى عمرها الصغير عاملاً لتغيير كبير في مجالات تتراوح بين الصحة والتعليم والصحافة والسياسة". لكنا ربما هذا تحديداً ما يُقلق"بعض"حكومات العالم.