عاد المسلحون المنضوون تحت لواء الزعيم الديني مقتدى الصدر جيش المهدي الى شوارع عدد من المدن العراقية، خصوصاً في النجف، حيث دارت بينهم وبين منظمة"بدر"التابعة ل"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"بزعامة عبدالعزيز الحكيم اشتباكات أول من أمس أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص واصابة العشرات، وأحرق مؤيدو الصدر مكاتب"المجلس"في مدينة الصدر ومكاتب حزب"الدعوة"بزعامة رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري ومزقوا صور الحكيم والمرجع الشيعي آية الله علي السيستاني الذي يصفونه ب"المرجع الصامت". راجع ص 2 و3 وفيما خرج الصدر عن صمته للمرة الأولى منذ شهور ليدعو أنصاره الى"حقن الدماء"، شن مسلحون هجوماً على موكب لحرس الرئيس جلال طالباني أسفر عن مقتل خمسة منهم، وعثرت الشرطة على 37 جثة لمجهولين شمال شرقي مدينة الكوت. وأدت هذه الاضطرابات واصرار السنة على رفض الفيديرالية الى تأجيل اجتماع للجمعية الوطنية البرلمان لمناقشة الدستور الى أجل غير مسمى. واعتبر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى"ما ورد في مشروع الدستور عن عروبة العراق خطير للغاية". وعقد الصدر امس مؤتمراً صحافياً دعا خلاله أنصاره الى"حقن الدماء"لكنه أصدر بياناً حمل فيه بشدة على"فيلق بدر"وشرطة النجف واصفاً إياهم ب"أهل الباطل"بينما وصف وزير الداخلية صولاغ باقر وهو من قياديي"بدر"ب"الشعلان الجديد"في اشارة الى وزير الداخلية السابق حازم الشعلان الذي اندلعت خلال توليه الوزارة احداث النجف عام 2004. ودعا الصدر الى تهدئة الموقف واعرب عن تمسك تياره بمطالبه كشروط لانهاء الأزمة تمثلت بإقالة محافظ النجف ونائبه مدير الشرطة وتشكيل لجنة تحقيق يمثل فيها تياره وتبديل الكادر الأمني في الحرم العلوي الشريف. واعتذار الحكيم عن اعتداء انصاره على مكتب الشهيد الصدر وقتلهم عدداً من الموجودين فيه قبل حرقه. وانتقد الناطق باسم الصدر عبدالهادي الدراجي محافظ النجف الذي ينتمي الى"المجلس الأعلى"متهماً قوات"بدر"بالوقوف وراء الهجمات التي أدت الى مقتل 7 أشخاص وجرح عدد آخر. لكن منظمة"بدر"نفت تورطها في الهجوم واعتبرت ما حدث جريمة، الهدف منها تقسيم الشيعة. واشارت أنباء امس عن اندلاع مواجهات في البصرة والناصرية والسماوة والديوانية والكوت وديالى بالاضافة الى مواجهات النجف، كما وقعت مواجهات اخرى في عدد من احياء بغداد من بينها مدينة الصدر التي أحرقت فيها كل مكاتب"المجلس الاعلى"وحزب"الدعوة"الذي يرأسه الجعفري ومزقت الجداريات التي تحمل منذ سقوط النظام صورا لزعيم المجلس السابق محمد باقر الحكيم واخيه عبدالعزيز وأية الله علي السيستاني واصدر مكتب"المجلس"امس نداء دعا فيه الى وقف العنف فيما تلقى مكتب السيد الصدر امس عشرات المكالمات الهاتفية من رئيس الجمهورية ونائبيه ورئيس الوزراء ونائبيه واعضاء في الجمعية الوطنية وشخصيات دينية واجتماعية وسياسية وسفارات عربية واجنبية تدين الاعتداء على مكتب الشهيد الصدر. وفي ظل عجز القادة العراقيين عن التفاهم على الدستور الجديد، ارجأ البرلمان اجتماعاً كان مقرراً عقده أمس لاقراره، ما يهدد باغراق البلاد في أزمة سياسية. وقال رئيس المكتب الاعلامي في الجمعية الوطنية بيشرو ابراهيم ان"الاجتماع ارجئ الى أجل غير مسمى حتى تنتهي مشاورات القادة السياسيين". وأضاف ان"المسودة قدمت الى الجمعية الوطنية ضمن المهل وليس هناك أي مشكلة قانونية. يبقى على السياسيين التوصل الى اتفاق"على صيغتها النهائية. ويبدو ان الوساطة الكردية التي يضطلع بها طالباني ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني بين العرب السنة والشيعة فشلت في اقناع الطرفين بالتفاهم على صيغة لإقرار الدستور. فقد أكد الجعفري في مؤتمر صحافي ان"الفيديرالية"التي يرفضها السنة:"ليست بدعة دستورية عراقية". واضاف ان"للاكراد طموحاً فيديرالياً ولديهم مخاوف ... هناك دافعان للفيديرالية: الأول انها حق طبيعي والثاني هو الخوف المشروع...". وفي هذا الاطار قالت مصادر مطلعة ل"الحياة"ان اجتماعات السنة مع طالباني وبارزاني وبحضور ممثلين عن"القائمة العراقية"وغياب قائمة"الائتلاف"توصلت امس الى اقتراح ينص على تأجيل البت بقضية الفيديرالية سنتين مع بقاء الحال على ما هي عليه في كردستان وان يتم الغاء الاشارة الى اجتثاث البعث من نص الدستور على ان ينظم بقانون مستقل. وأشار بعض الأنباء الى ان تأجيل جلسة البرلمان جاء اثر انسحاب 21 عضواً من أنصار الصدر منخرطين في قائمة"الائتلاف"بالاضافة الى وزيري النقل والصحة وتعليق عضويتهم على خلفية المواجهات المسلحة التي اندلعت الاربعاء بين أنصار الصدر وميليشيا"فيلق بدر". أمنياً، أسفر هجوم مسلح على موكب لحرس طالباني عن مقتل خمسة عناصر من حرسه الشخصي وجرح سبعة آخرين. وكان الموكب متجهاً لملاقاة طالباني في بغداد. وأوضح قائد شرطة الطوز العقيد عباس محمد ان خمسة من"الحراس الشخصيين للرئيس جلال طالباني قتلوا وجرح سبعة آخرون اصابات أربعة منهم خطيرة في هجوم شنه مسلحون على موكبهم في منطقة العظيم عندما كانوا متجهين من كركوك الى بغداد". الى ذلك، عثرت الشرطة على 37 جثة مجهولة ملقاة في نهر صغير على أطراف ناحية الدبوني شمال شرقي مدينة الكوت. وأفاد ضابط في شرطة الدبوني أن الجثث عائدة لرجال"يرتدون ملابس مدنية ومكبلي الأيدي بالأصفاد الحديدية والبلاستيكية وبدت آثار تعذيب عليها"، لافتاً الى أن"الضحايا قتلوا باطلاق النار عليهم في الرأس وأفواههم مغطاة بأقمشة، فيما يدل مظهرهم على مرور خمسة ايام على الجريمة". وأشار الى"احتمال أن يكون الضحايا من عناصر قوات الأمن العراقية من أهالي جنوب البلاد لأن قوات الشرطة عثرت على ملابس عسكرية في حقائب كانت مع الضحايا".