عاد رجل الدين المثير للجدل مقتدى الصدر، الذي اشتبك أنصاره مع فصائل شيعية منافسة مساء الاربعاء، ليحتل بؤرة الاحداث في العراق الجديد. لكن الامر يتعلق بما هو أكثر بكثير هذه المرة. ففيما قرر المسؤولون في الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة والاكراد المضي قدماً في إقرار دستور يعارضه الصدر بشدة حذر المتحدث باسمه من أن ميليشيا"جيش المهدي"التابعة له يمكنها تعبئة رجالها بسرعة بعدما اندلع القتال مع شيعة موالين ل"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"بزعامة عبدالعزيز الحكيم. وأرسى الصدر، وهو سليل أسرة شيعية تحظى بالاحترام وقاد انتفاضتين ضد القوات الاميركية العام الماضي، نمطاً يتمثل في فترات صمت طويلة يعقبها ظهور قوي. والاشتباكات في مدينة النجف وفي بغداد قد توفر له الفرصة ليدعم موقفه من جديد في وقت يسوده عدم اليقين، وهي مهارة اتقنها منذ سقوط حكم الرئيس المعتقل صدام حسين عام 2003. وهذا الاسبوع ذكر الصدر الحكومة التي تدعمها الولاياتالمتحدة بمدى سرعته في اثارة المشاعر عندما احتج ألوف من أنصاره على مشروع الدستور مصعدين الضغط على الزعماء العراقيين المنهكين بعد أسابيع من الجدل حول الدستور. ومستفيداً من احباط العراقيين من قادتهم منذ الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة في آذار مارس 2003 كسب الصدر أنصاراً بالحديث عن الفقراء وتحدي القوة العسكرية الاميركية. وكان قد اتهم بقتل رجل دين شيعي منافس في عام 2003 لكن لم يقبض عليه، وهو يعتمد على ما ورثه من نفوذ، فوالده كان آية الله محمد صادق الصدر الذي دفع حياته ثمناً لتحديه صدام من داخل العراق، إذ قتل مع اثنين من أكبر ابنائه عام 1999. ويقول ايضاً أن صدام قتل عمه محمد باقر الصدر عام 1980 بعدما دعا الى اقامة جمهورية اسلامية على غرار الحكم في ايران. وسارع رئيس الوزراء العراقي القلق ابراهيم الجعفري الى الظهور على شاشات التلفزيون بعد القتال الذي دار في النجف داعياً الى الهدوء ومشيداً بعائلة الصدر. واكتسب الصدر شهرة بخطبه الوطنية الملتهبة. ولديه قاعدة واسعة من الاتباع في مدينة الصدر وفيها عديد مقاتليه المسلحين ببنادق هجومية وقذائف صاروخية. ويتسم"جيش المهدي"المؤلف من عراقيين عاديين من العمال وباعة الخضار والجزارين بسهولة في الحركة وله اعضاء في بغداد وفي الجنوب. وبعد أيام من سقوط صدام سعى الصدر وهو في الثلاثين من عمره الى تحريض الشيعة العراقيين الذي تعرضوا للقمع لفترة طويلة ضد المحتلين بقيادة الولاياتالمتحدة وحلفائها العراقيين. وعندما أغلقت الادارة الاميركية السابقة في العراق صحيفته واعتقلت مساعداً كبيراً له العام الماضي لم تكن النتيجة الاستسلام بل التمرد. وحتى المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله علي السيستاني تعامل مع الصدر بحذر شديد ورفض ادانة أعماله على رغم استياء زعماء الشيعة منها. وقال شهود ان عناصر ميليشيا الصدر خرجوا الى الشوارع في الفترة الاخيرة في بلدة السماوة الجنوبية وكرسوا سلطاتهم بعدما طالب مئات المحتجين باستقالة المحافظ وهو مؤيد لجماعة شيعية منافسة. ونفى الصدر تورطه في قتل عبدالمجيد الخوئي في النجف في نيسان ابريل 2003. وقتل الخوئي، وهو ابن زعيم شيعي راحل وتربطه علاقات وثيقة مع بريطانياوالولاياتالمتحدة، بطعنه حتى الموت في مسجد الامام علي في النجف بعد أيام من عودته من منفاه.