هناك في حاصبيا، عاصمة وادي التيم في جنوبلبنان، تطل السرايا التي أبت عوامل الطبيعة والعبث البشري إلا أن تُهدد تاريخها وجماليتها، تلك القلعة التي أعلن أمس عن إدراجها على لائحة"الصندوق الدولي للمواقع التراثية والهندسية"راجع المقال إعلاه. إلا أن سحر السرايا ما زال يترك وقعاً رهيباً عند زائريها، وقعاً يعود بهم ولو في الخيال إلى حقبة تبعد أكثر من 800 عام، عرفوها من خلال التاريخ، وما يخبر به سكانها، سلالة العائلة الشهابية... خوفاً من دخولها ذاكرة التاريخ، تم إنشاء"المؤسسة اللبنانية للمحافظة على سرايا الأمراء الشهابيين في حاصبيا"التيسعت جاهدة للفت النظر الى الوضع الحالي للسرايا المهددة بالخراب على رغم الحياة الإنسانية التي تميزها حتى اليوم بفضل العائلات الثلاث التي لا تزال تسكنها، وقد نجحت في الحصول على تبني القلعة من جانب الصندوق الدولي للتراث العالمي. من جهتها وجدت الأميرة كارلا شهاب ان ترميم السرايا وتأهيلها يجعلاها مرجعاً هندسياً مهماً، من الهندسة الصليبية إلى العثمانية مروراً بالمملوكية والأيوبية والعربية. ولا تقل أهمتها السياحية الثقافية عن أهميتها الاقتصادية، فتالرميم"يسهم في حل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي خلفها الاحتلال الإسرائيلي طوال عقدين من الزمن"على حد تعبير الأميرة شهاب. وتتنوع المخاطر التي تهدد هذا المعلم التاريخي. فالزاوية الصليبية محاطة بالنفايات وكلما اختلطت بمياه الأمطار أعطت مواد سامة. كما"زخرفت"الفطريات حجارة القلعة بسبب الرطوبة وانهارت الجذوع الخشبية في السقف. تتألف القلعة المدرجة على قائمة الأماكن التاريخية على رغم ملكيتها الخاصة، من ثلاثة أدوار فوق الأرض وثلاثة تحت الأرض. وتتميز بالأدراج العريضة والزخارف الهندسية الرائعة والقناطر المرتفعة، فضلاً عن البلاط الحجري الذي يرصف الباحة الداخلية الكبيرة، اضافة الى القاعات التي تتوسطها نوافير المياه وجدران الرخام التي حضرت عليها آيات قرآنية وزينت بالرسوم والنقوش. وعلى رغم تصنيفها في العام 1962 معلماً أثرياً من المديرية العامة للآثار، غير ان هذه الأخيرة وفقاً لقانون الآثار الصادر بموجب القرار 166 ل د في العام 1933، غير مجبرة على تقديم التمويل الكامل لأعمال الترميم، فهي تقوم بعملها بمتابعة الأعمال والدراسات. من هنا يعتبر ترميم هذا التراث الشهابي واجباً وطنياً لكل من يهتم بالحفاظ على الإرث الوطني. وتعتمد"المؤسسة اللبنانية للمحافظة على سرايا الأمراء الشهابيين"، على التقديمات من المؤسسات الدولية والجهات المانحة. ...وعين الصندوق الدولي على العراق بعيداً من تحقيق الربح ، يستمر الصندوق الدولي للمواقع التراثية والهندسيةپWorld Monuments Fund في مسيرته الراعية لحفظ التاريخ والفن والموروث السياحي والهندسي العالمي، وأعد قائمته الخاصة لعام 2006 التي اختيرت سرايا الأمراء الشهابيين في حاصبيا من ضمن قائمتها. فال MWW برنامج أولي للتوسط تابع للپWMF، يتم من خلاله لفت الانتباه العالمي الى المواقع الثقافية والتاريخية وتشجيع المؤسسات والمجتمع المدني على تقديم الدعم لها. وحث المجتمعات المدنية على لعب دور فاعل في حماية الوحدات الثقافية لبلادها. هذه السنة، وللمرة الأولى منذ 10 سنوات، تضمنت لائحة العام 2006 تراثاً لدولة بأكملها، ألا وهي العراق. وقائمة الپ2006 المؤلفة من 22 مدينة من افريقيا والشرق الأوسط و26 مدينة اميركية ومدينة واحدة من الانتركتيك و18 مدينة آسيوية ومدينة استرالية وأخيراً 32 مدينة أوروبية، تتنوع طبيعة الآثار التي تعرضها من قلاع، وسجون، كنائس وقبور ومعابد تعود للقرون الوسطى وصولاً إلى المطارات والمحطات الحديثة. ولإعداد القائمة الخاصة يطلب الصندوق الدولي للمواقع التراثية والهندسية من وزارة الثقافة التابعة لكل بلد ومن الجمعيات المحلية والعالمية المتخصصة في الحفاظ على الآثار، تزويدها بأماكن تلك الآثار اضافة الى تحديد الأخطار التي تواجهها، عدا عن الاقتراحات الملموسة التي قُدمت للمحافظة عليها. ويدرس الصندوق المعلومات التي تحصل عليها من وزارات الثقافة ومن الجمعيات المحلية والعالمية، وتختار في كل مرة 100 مدينة تتطلب إدراجها ضمن لائحة. ويقوم أساس الاختيار على معطيات عدة، منها ما تعنيه تلك المواقع كتراث وطبيعة الخطورة التي تتعرض لها والحاجة الملحة لإنقاذها وأيضاً قابلية الموقع للحفظ والدعم. واحتفل الصندوق اخيراً بعيدها الپ14 في مركزها في نيويورك بعد إنجازها نجاحات من خلال حماية أكثر من 80 مدينة أثرية.