أصدرت محكمة مصرية أمس حكماً بالسجن خمس سنوات ضد رئيس حزب الغد الدكتور أيمن نور، في نكسة جديدة تُضاف الى سجل الانتكاسات التي مُني بها والتي بدأت منذ نافس الرئيس حسني مبارك في الانتخابات الرئاسية التي جرت في ايلول سبتمبر الماضي، وتبعها انشقاق عدد من مؤيديه عنه وتشكيلهم حزباً موازياً وفقدانه مقعده البرلماني في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وأصدرت محكمة جنايات القاهرة برئاسة القاضي عادل عبدالسلام جمعة أمس حكمها فى قضية تزوير توكيلات حزب الغد، وقضت بمعاقبة كل من رئيس الحزب نور ومدير مكتبه اسماعيل زكريا والموظف في المكتب ايمن اسماعيل بالسجن المشدد خمس سنوات لكل منهم. وقضت المحكمة بمعاقبة كل من المتهمين لطفي الشناوي وأحمد عبد الشافي الغرياني وميرفت صابر بالسجن المشدد 3 سنوات لكل منهم. أما أعلى عقوبة فصدرت في حق المتهم الفار فرج شديد عبدالحميد بالسجن المشدد 10 سنوات. وقررت المحكمة إحالة الدعوى المدنية المقامة من المتهمة ميرفت صابر ضد نور والتي طالبته فيها بتعويض مليون جنيه، على محكمة جنوبالقاهرة الابتدائية. ولم تأخذ المحكمة بتغيير بعض المتهمين مواقعهم اثناء اجراءات المحاكمة إذ تحول ثلاثة منهم الى شهود إثبات ضد نور وأدلوا بمعلومات اعتبرتها المحكمة ادانة ضده، فأصدرت ضدهم ايضاً احكاماً بالسجن ولم تشفع لهم المحكمة مساهمتهم في توريط نور وإدانته. وأكدت المحكمة فى حيثيات حكمها أنها"احاطت بالدعوى في سائر مناحيها عن بصر وبصيرة، وألمت بكل الدفوع التي ابداها المتهمون، وبالمذكرات والمستندات المقدمة من دفاعهم فى هذا الصدد، وانتهت في قضائها الى رفض دفوع المتهمين الشكلية كافة وتزوير محررات رسمية وجميعها جرائم انتظمها قانون العقوبات". ورأت في سعي نور الى توصيف الجريمة المسندة اليه بأنها جريمة سياسية"سبيلاً مفضوحاً يرمي من ورائه الى ... الافلات من المساءلة عما اقترفه من جرائم". وقالت:"لم تكن المحكمة لتقبل من ايمن نور إصباغه صبغة السياسة على الدعوى ولم تكن لتسايره في ما التزمه من دفاع على هذا النحو لما من شأنه المساس بأصول العمل القضائي الذى يتقيد بحكم القانون وحده وتعريفاته". واكدت المحكمة انها لا تساير نور فى دفاعه من ان التوكيلات المزورة دُست عليه بمعرفة جهات معينة بقصد النيل منه بعد"لأن صور تلك التوكيلات ضبطت بمسكنه وفي حوزته ما يؤكد عدم دسها عليه وعلمه اليقيني في وقوع التزوير، علاوة على إصدار نور اوامره لمساعديه في مكتبه بالتخلص من اي اوراق او توكيلات خاصة بالحزب محفوظة بمكتبه". وقالت المحكمة"لو كانت تلك المستندات صحيحة ما كان في حاجة الى اصدار مثل هذه التوكيلات". ورأت المحكمة أن لجنة شؤون الاحزاب السياسية في مجلس الشورى"لو كانت علمت بتزوير تلك المستندات قبل صدور موافقتها بتأسيس حزب الغد ربما كان لها رأي آخر". وكانت جلسة المحاكمة عقدت وسط اجراءات أمنية مشددة غير مسبوقة واحاطت سيارات الشرطة بمقر المحكمة وانتشر أكثر من خمسة الاف جندي وقرابة مئتي ضابط شرطة داخل المحكمة وخارجها. كذلك احتشد امام المحكمة منذ الصباح مئات من اعضاء حزب الغد وانصار نور يتقدمهم زوجته الاذاعية جميلة اسماعيل وبعض اقاربه رافعين لافتات تحمل صوره ومرددين هتافات تطالب بالافراج عنه. ويعد المستشار عادل عبدالسلام جمعة، رئيس المحكمة، من ابرز القضاة الذين سبق لهم اصدار احكام مشددة في قضايا مهمة أبرزها الحكم ضد رئيس مركز ابن خلدون الدكتور سعد الدين ابراهيم بالسجن 7 سنوات، ومعاقبة محمد الوكيل رئيس قطاع الاخبار السابق في التلفزيون المصري بالسجن المشدد 18 عاماً، كما عاقب بالسجن 15 عاماً مواطناً خطف ثلاثة من السياح الألمان بعدما يئس من رفض الحكومة الالمانية السماح له برؤية أولاده الذين كانت زوجته الالمانية خطفتهم. وكان نور وبقية المتهمين دخلوا الى اقفاص الاتهام مرتدين ملابس الحبس الاحتياطي البيضاء العاشرة صباحاً، وحالت قوات الامن أمام الاقفاص دون تمكن نور من التحدث الى الصحافيين أو رؤيتهم، الأمر الذي دفع بمحاميه أمير سالم الى الاحتجاج على الاجراءات الأمنية حيث قال في بداية الجلسة إن الوجود الأمني يعني أن حكماً سيصدر بحبس نور، فيما قالت السيدة جميلة اسماعيل، زوجة نور، ان هذا الوجود الأمني يعني صدور حكم بالادانة فى القضية. ورددت السيدة اسماعيل عبارة"حسبنا الله ونعم الوكيل"عقب النطق بالحكم، ثم هتفت ومعها زوجها من داخل القفص ضد الرئيس حسني مبارك. واكد الدفاع ان الحكم مشوب بالبطلان وسيتم الغاؤه امام محكمة النقض، وان اجراءات المحاكمة"باطلة لأن اجراءات الضبط والتفتيش بدأت قبل رفع الحصانة عن نور". وتظاهر العشرات من انصار الغد امام مقر المحكمة ووزعت اسماعيل بياناً للصحافيين صادراً عن حزب الغد كان تم اعداده سلفاً واشار الى ان ادانة نور"تأتي في اطار تصفية حسابات انتخابات رئاسية". واشار البيان الى ان النظام المصري يريد تدمير حزب الغد والقضاء على المستقبل السياسي لرئيسه باعتباره المنافس الاول لمبارك فى الانتخابات الرئاسية، مؤكداً أن الحزب"سيواصل الوقوف الى جانب رئيسه وسيسلك كل الطرق القانونية والشعبية والاعلامية التي تكفل الحصول على العدالة لرئيسه ولمؤسسته". ورشق عدد من المتظاهرين قوات الامن بالحجارة وزجاجات وعلب المياه الغازية والعصي. ويمكن لنور وبقية المحكومين في القضية الطعن ضد الحكم أمام محكمة النقض التي إما أن تؤيد الحكم الصادر ليصبح باتاً ونهائياً وإما ان تقضي بالغاء الحكم واعادة محاكمة المتهمين امام دائرة محكمة أخرى من دوائر محاكم الجنايات. ويكون أمامهم في حالة تكرار الادانة للمرة الثانية فرصة ثانية وأخيرة للجوء الى محكمة النقض، وهي إما ان تؤيد الحكم الجنائي الأخير ليصبح نهائيا وإما ان تنقض الحكم وتباشر بنفسها المحاكمة الجنائية التي ستكون الثالثة والاخيرة للمتهمين والتي لا يجوز الطعن ضدها بأي صورة من الصور أياً كان الحكم فيها سواء بالادانة او بالبراءة. وكان نور خاض خلال جلسات محاكمته والتي استغرقت قرابة 6 أشهر وهو مخلى السبيل فيها معركتين انتخابيتين مهمتين وهما الانتخابات الرئاسية التى جرت في ايلول سبتمبر الماضي امام الرئيس مبارك والتي حصل فيها نور على 8 في المئة ليحصل بذلك على اعلى الاصوات بعد الرئيس مبارك الذى حصل على 88 في المئة، وهو خاض الانتخابات البرلمانية عن دائرة باب الشعرية ففقد مقعده البرلماني الذي كان شغله لدورتين سابقتين. وتفجرت وقائع القضية في كانون الثاني يناير الماضي اثر بلاغ تقدمت به مباحث الاموال العامة الى النيابة العامة يؤكد ان أيمن نور زوّر 1435 من اصل 2005 توكيلات تقدم بها للجنة شؤون الأحزاب لتأسيس حزب الغد، وهو أمر نفاه محامو نور.