فجأة تحولت صالة سينما"الزهراء"في دمشق، بمقاعدها العتيقة، إلى فضاء موسيقي صاخب، استقطب جمهوراً غفيراً من الشباب المتعطش إلى فسحة موسيقية مختلفة، تعبّر عن همومه وتطلعاته، بعيداً من السائد. كانت المناسبة استثنائية بحق، في خريف دمشقي غائم، بعد نجاح مجموعة من الشابات من سورية ولبنان والأردن، بإطلاق مهرجان"أورموز"للموسيقى الجوالة راجع مقالة في ملحق"شباب"في"الحياة"أمس. هكذا اكتشف الحضور وجود فرقة سورية مستقلة، تحمل اسم"إطار شمع"، وهي فرقة جاز، تعتمد في مؤلفاتها على بحث موسيقي، يمزج بين الإيقاعات اللاتينية والموسيقى التأملية، على خلفية الكلمات العربية، وتعكس تطلعات الجيل الجديد. وتضع فرقة"إطار شمع"الروك والجاز في حقل واحد، كخلفية يتجلّى معها صوت المغنية الشابة رشا رزق. يقول ابراهيم سليماني، مدير الفرقة، أن"إطار شمع"، تطمح إلى تحرير لغة الحياة اليومية من القيود الاجتماعية والتاريخية، بقصد صوغ موسيقى جديدة، تحمل في سياقها تطلعات شبابية ممزقة بين تقاليد اجتماعية محلية ورؤى منفتحة على ثقافة الآخر. ويلتقي رهان الفرقة السوريّة، بمعنى ما، مع الفرقة الأردنية التي قدمت"نوازن"في الأمسية نفسها. وتسعى الفرقة التي يقودها ايليا خوري، إلى تأكيد التمازج الموسيقي بين الحضارات الشرقية القديمة، وموسيقى حوض المتوسط، في تجارب لافتة تضع الآلات الشرقية في مختبر الجاز بارتجالات واضحة. وكما في بيروت وعمّان كذلك في دمشق... حيث كانت مفاجأة الأمسية، هي اطلالة فرقة"قطاعيون"من لبنان، وهي فرقة راب تضمّ زيد حمدان وإيلي حبيب وإيلي منصور ورجب عبد الغني. تتحدى هذه الفرقة المفاهيم الخاطئة حول موسيقى الراب، خصوصاً في رسائلها إلى جيل الشباب من طريق الكشف والاستفزاز، وبجرعات كبيرة من المشاعر المرهفة والرفض الواضح للواقع اليومي السائد. مهرجان"أورموز"الذي تجوّل بين العواصم العربيّة، كان أشبه بالصرخة المتمردة في وجه الثقافة الرسمية التي طالما وضعت العصي في عجلات الفرق المستقلة. أما جمانة الياسري، وهي منشطة ثقافية ساهمت في تنظيم هذا الحدث الموسيقي الشبابي من سوريّة، فلا تخفي طموحها ب"تأسيس شبكة علاقات إقليمية مشتركة، من أجل تطوير الحقل الموسيقي ودعم التجارب الشابة المستقلة في الشرق الأوسط. وذلك من طريق إقامة مهرجانات دورية، إضافة إلى تأسيس موقع على شبكة الإنترنت بعنوان"بيات". هذا الموقع الذي ينطلق الشهر المقبل، سيكون"مصدراً للمعلومات والتبادل في خصوص الموسيقى والفنون المعاصرة في الشرق الأوسط".