في الوقت الذي كانت فيه"إسرائيل"تشهد زلزالها الانتخابي الليلة قبل الماضية بانسحاب رئيس الوزراء"ارييل شارون"من حزب"ليكود"لتشكيل حزب جديد لخوض الانتخابات البرلمانية، خطا الفلسطينيون خطوة أخرى نحو ما قد يشكل زلزالهم الانتخابي بصدور مرسوم رئاسي يؤكد الموعد المحدد للانتخابات التشريعية قاطعاً بذلك كل التكهنات والتنبؤات عن نيته تأجيل هذه الانتخابات لعدة اشهر أخرى يتمكن خلالها من تغيير القانون الانتخابي. وحدد المرسوم الرئاسي الذي أكد ان الانتخابات ستجرى في موعدها في الخامس والعشرين من كانون الثاني يناير المقبل فترة الترشيح للانتخابات باثني عشر يوماً تبدأ في الثالث من كانون الأول المقبل وتنتهي في الخامس عشر منه، وهو ما يشكل ضاغطاً جديداً على القوى، خصوصاً حركته"فتح"للإسراع في اجراء انتخاباتها الداخلية واختيار مرشحيها. واظهرت حركة"فتح"حتى اليوم تلكؤاً ملحوظاً في اجراء انتخاباتها الداخلية بسبب حجم التناقضات التي تفجرت فيها اثناء عملية التسجيل. وتحفيزاً للحركة للإسراع في اجراء هذه الانتخابات ابلغ عباس اللجنة الحركية المشرفة على الانتخابات الداخلية ان اللجنة المركزية ستختار مرشحي الحركة في المحافظات التي تخفق في اجراء انتخاباتها. ومن المقرر ان تجري"فتح"انتخاباتها الجمعة المقبل. وقالت مصادر عليمة في الحركة ان غالبية أعضاء اللجنة المركزية انسحبوا من السباق الانتخابي خشية تعرضهم للخسارة او الحصول على مواقع متأخرة تضعف، وربما تهدد مواقعهم السياسية على رأس الحركة السياسية الفلسطينية الأكبر. وكانت المفاجأة في ذلك اعلان رئيس الوزراء احمد قريع قراره عدم خوض الانتخابات. وقالت مصادر في قيادة الحركة ل"الحياة"ان قرار قريع هذا جاء بعد فشله في ضمان الموقع الأول في قائمة"فتح"على مستوى الوطن، وهو الموقع الذي سيحتله من دون منازع الأسير مروان البرغوثي. وقالت هذه المصادر ان اللجنة الحركية المشرفة على الانتخابات وجدت في البرغوثي الحصان الرابح الذي سيقود"فتح"الى فوز كبير، فأصرت على توليه الموقع الأول في القائمة التي ستواجه قائمة قوية لحركة"حماس"قد يتزعمها محمود الزهار او اسماعيل هنية. وتظهر استطلاعات الرأي ان قائمة"فتحاوية"يتزعمها البرغوثي ستحصل على نسبة تتراوح بين 40 و 45 في المئة من مقاعد المجلس التشريعي البالغ عددها 132 مقعداً. وأظهر استطلاع للرأي العام الفلسطيني أجرته جامعة النجاح ونشرت نتائجه أمس ان 40 في المئة من الجمهور سيصوت لحركة"فتح"و20 في المئة لحركة"حماس". لكن استطلاعات أخرى اعطت حماس نسباً أعلى من ذلك تراوحت بين 25-30 في المئة. اما قادة"حماس"فيقدمون تنبؤات أكثر تفاؤلاً. ويشير بعضهم الى انهم يتوقعون الحصول على نسب ستشكل، في حال تحققها، زلزالاً في المشهد السياسي الفلسطيني مثل 40 في المئة من المقاعد. وبينما تعمل"فتح"بدأب على تسوية المشكلات العائقة لانتخاباتها الداخلية التي تأجلت ثلاث مرات، فرغت"حماس"من اعداد قوائمها، وبدأت التحضير للدعاية الانتخابية. وقال سامي أبو زهري الناطق باسم الحركة ل"الحياة":"قوائم الحركة جاهزة وستقدم في الموعد المحدد". وبخلاف"فتح"وغيرها من فصائل منظمة التحرير فان"حماس"اختارت مرشحيها بالتشاور الداخلي. وقال أبو زهري:"نحن نختار مرشحينا بالشورى، ونجري انتخابات في مستويات محددة داخل الحركة". وتحرص"حماس"على عدم الكشف عن مرشحيها في وقت مبكر خشية تعرض من يعيش منهم في الضفة للاعتقال. وحسب أبو زهري فإن السلطات الاسرائيلية اعتقلت 30 مرشحاً للحركة في انحاء مختلفة من الضفة في حملات الاعتقال الأخيرة التي طاولت نحو 700 من قادة الحركة وكوادرها ونشطائها بينهم قادة الصف الأول مثل الدكتور محمد غزال وحسن يوسف. وتسببت هذه الاعتقالات في مشكلة حقيقية للحركة التي فقدت الوجوه المركزية لحملتها الانتخابية. وقالت مصادر في الحركة انها ستلجأ لترشيح بعض المعتقلين الذين يحكم عليهم بالسجن الإداري او السجن لفترات محدودة. وأشارت الى اختيار مستقلين مقربين من الحركة لخوض الانتخابات بدلا من اعضاء وكوادر الحركة الذين جرى اعتقالهم. وفي قطاع غزة المحرر من الاحتلال أجرت الجبهة الشعبية للمرة الأولى انتخابات عامة مفتوحة لاختيار مرشحيها بعد ان دعت اعضاءها وانصارها عبر وسائل الاعلام للتسجيل والمشاركة في اختيار المرشحين. وتتجه النية لدى الجبهتين"الشعبية"و"الديموقراطية"لتشكيل قائمة موحدة لخوض الانتخابات بعد فشل حوارات جرت مع باقي قوى اليسار مثل حزب الشعب والمبادرة الوطنية التي يتزعمها السياسي الواعد مصطفى البرغوثي. ونظراً لارتفاع حصة مصطفى البرغوثي في استطلاعات الرأي، لجأت اليه شخصيات سياسية مستقلة لتشكيل ائتلاف مشترك بينها الدكتورة حنان عشراوي وزعيم حزب فدا السابق ياسر عبد ربه. وتقول مصادر مقربة من هذه الحوارات ان خلافاً يدور بين شخصياتها الرئيسة حول الموقع الأول في القائمة، مرجحةً ان لا تتكلل بالنجاح. ويتطلع الرئيس محمود عباس الى ان تشكل هذه الانتخابات بداية لتغيير واسع في السلطة. ويقول مقربون منه انه يأمل أن تحدث الانتخابات تغييراً جوهرياً يمكنه التخلص من القيود التي تحيطه بها مراكز القوى المتنفذة منذ عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات.