دافع الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة عن"ميثاق السلم والمصالحة الوطنية"، وقال ان هذا الميثاق الذي سيصوّت عليه الشعب الجزائري في استفتاء في 29 أيلول سبتمبر المقبل"لا يعني الإعفاء المعمم للمسؤوليات". ولاحظ في خطاب في مدينة سكيكدة شرق لمناسبة الاحتفالات بالذكرى المزدوجة لمؤتمر الصومام وأحداث 20 آب اغسطس 1955، إن المصالحة الوطنية التي يدعو اليها"يجب أن تقينا ظاهرة العنف والإرهاب والتطرف"، لافتاً إلى أن المصالحة"لا تتحقق بالعصا السحرية .. والعصا السحرية غير موجودة". ونبه بوتفليقة إلى أنه"لن نسمح أبداً بأن ينبعث أخطبوط الإرهاب يوماً من موات ويزرع الأزراء بيننا". وأضاف:"لن نقع مرتين في مثل هذه البلية ... لن نسمح بروج الفتنة الإجرامية وسنبذل قصارى جهودنا لاجتثاث لعنة الإرهاب من هذه البلاد". وفي مرافعة وصفت بالتاريخية لمصلحة مؤسسة الجيش وبقية المؤسسات التي تولت مكافحة الجماعات الإسلامية المسلحة منذ العام 1992، قال الرئيس الجزائري في كلمته:"سنعطي حصانة للجيش باسم الشعب ... ولن نقبل مستقبلاً بتلك الأصوات الخارجية التي تجرّم مؤسساتنا الدستورية". وكرر مراراً"سنعطيهم الحصانة باسم الشعب". وقال انه سيتعين على أولئك الذين تسببوا في الأزمة أن يبعدوا نهائياً من ممارسة السياسة. وتحدث عن الاعتداءات الأخيرة التي نفذتها الجماعات المسلحة واعتبرها"شاهداً على حال الإحباط المعنوي"الذي تعانيه، مشيراً إلى أن بعض الجماعات يفضل"الإصرار على الضلالة والغي. ولكن لا يمكن أن يرهن هؤلاء مصير سائر المجتمع الذي يريد العودة على الحياة الطبيعية". ورأى أن الجزائر"استعادت عافيتها ومن حقها العفو والعطاء ولم الشمل، ومن حقها ومن واجبها أن تضمد جراحها وأن تولي وجهها شطر المستقبل"، مؤكداً أن الجزائر"تجاوزت مرحلة الهزات الكبرى". واشار الى ان الجماعات المسلحة ترغب في إقامة"دولة كهنوتية متحدية سيادة الشعب وتريد فرض نفسها بنفسها"، وبرأ ذمة الإسلام من جرائمها. في غضون ذلك، أفادت مصادر مطلعة أن الأمير السابق ل"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"حسان حطاب أبلغ السلطات دعمه مسعى العفو والمصالحة الوطنية. لكن لم يصدر حطاب حتى الساعة بياناً يعلن فيه رسمياً موقفه من مبادرة الرئيس الجزائري، علماً ان بياناً منسوباً اليه كان أيّد قبل شهور مسعى المصالحة. وكان حطاب من القيادات البارزة التي انشقت عن"الجماعة الإسلامية المسلحة"بزعامة أميرها السابق عنتر الزوابري سنة 1996 بسبب رفضه المجازر الجماعية ضد المدنيين. وتفيد مراجع مطلعة أنه تخلى عملياً عن العمل المسلح منذ تموز يوليو 2003، مما دفع قيادة جماعته إلى تنحيته. وتنقسم"الجماعة السلفية"حالياً إلى مجموعتين الأولى تدعم مسعى السلطات ويتزعمها حطاب، والثانية تعترض على أي مبادرة ويقودها"أبو مصعب عبد الودود". وفي السياق ذاته، أعلنت مصادر أمنية أن قوات الجيش تمكنت خلال عمليات تمشيط واسعة تقوم بها منذ أسابيع من تحرير قريتين كانتا تحت سيطرة عناصر"الجماعة السلفية"في جبال الإيدوغ بولاية عنابة 600 كلم شرق الجزائر على الحدود مع تونس. وتعتبر هذه العملية واحدة من أبرز الهجمات على المسلحين الرافضين مسعى السلم. وأوضحت مصادر محلية أن الجيش فجّر مجموعة كبيرة من المخابئ والألغام التي كانت تحيط بالقريتين، وان الجماعة التي كانت تنشط فيهما يتزعمها"أبو خبيب معاذ القسنطيني"، وهو من أخطر الناشطين الذين تلاحقهم السلطات منذ منتصف التسعينات. وعثر داخل مخابئ في المنطقة على 35 سريراً موزعة على طابقين، إضافة إلى أفرشة ومؤن وأدوية، مما يعني أن هذه المخابئ كانت لا تزال تستعمل من إلى وقت قريب. وبدأت عملية الدهم بعدما أبلغ عنصر"تائب"قوات الأمن بتحرك عدد كبير من المسلحين على محور جبال الإيدوغ. وقُتل خلال محاولات"اختراق"هذه المخابئ ستة من عناصر الدفاع الذاتي مليشيات مسلحة خلال تقدمهم فوق الألغام على المسالك الجبلية الوعرة في مناطق وادي العنب والتريعات وعين بربر والرمانات. واستعانت قوات الجيش بالمروحيات الحربية المدعومة بقاذفات الصواريخ لتسهيل الوصول إلى هذه المناطق المعزولة. وتُحصي السلطات ما يزيد على عشرين قرية وعدداً كبيراً من المداشر التي لا تزال تحت تأثير الجماعات المسلحة في ولايات وسط البلاد وشرقها. وذكرت مصادر متطابقة أن شرطياً وزوجته قُتلا في شرق العاصمة بعد لجوء عناصر جماعة مسلحة إلى تلغيم سيارتهما وتفجيرها عن بعد في ميناء زموري بولاية بومرادس شرق. وأفادت مصادر محلية أن الشرطي الذي تخصص منذ سنوات في ملاحقة عناصر"الجماعة"في منطقة بغلية في الولاية ذاتها، تلقى في السابق تهديدات بالقتل.