كثيرة هي الاماكن والتواريخ والاحداث التي تثير اهتمام الناس حول العالم في ما يتعلق بالعاصمة النمسوية فيينا، وفي طليعتها الحفلة الموسيقية التي تقام في بداية كل عام جديد وتنقلها محطات التلفزيون العالمية عبر الاقمار الصناعية مباشرة فيشاهدها أكثر من مليار شخص. أما الحدث الثاني فهو الذي يقام عادة مساء الخميس الاخير من موسم حفلات"الفاشنك"السنوية وبداية موسم الكرنفالات. وقد أطلقت وسائل الإعلام العالمية على تلك الحفلة إسم"حفلة الحفلات"لانها ليلة يلتقي فيها المال والجمال، رجال السياسة والاقتصاد، جميلات الفن وابطال السينما والمسرح. كما تتنافس دور الازياء العالمية في ما تعرضه من ابداعات فنية في تصاميم خاصة لهذه الحفلة. تعود جذور هذه الحفلة إلى بداية القرن الثامن عشر بعد الانتصار على نابوليون وقدوم ملوك وقياصرة أوروبا مع امرائهم وحاشياتهم إلى فيينا حيث توزعت الحفلات الراقصة على قصور امراء واغنياء فيينا وكذلك القصور الامبراطورية لعائلة هابسبرغ الحاكمة آنذاك، وأطلق على تلك الليالي إسم"فيينا ترقص". وأُعيد احياء الحفلات بعد الحرب العالمية الثانية في العام 1955 في نفس دار الاوبرا التي تهدمت من جراء قصف طائرات قوات الحلفاء وهي تتعقب فلول الجيش النازي المنهزم. وبعد عام من ذلك التاريخ أعيد اعمار دار الاوبرا، وحتى الآن تقام فيها"حفلة الحفلات"التي لم تتوقف إلاّ خلال الحرب العالمية الثانية مع العلم ان قيادة الرايخ الثالث التي حكمت النمسا بعد احتلالها امرت باقامتها العام 1939. والمرة الثانية التي لم تقم فيها كانت في العام 1991 اثناء حرب الخليج الثانية وذلك لعدم تمكن اجهزة الامن النمسوية من ضمان سلامة رؤساء الدول الذين يحضرون الحفلة عادة. أما في هذا العام فكان هناك 1000 رجل شرطة لحماية الضيوف. تتحول دار الاوبرا خلال فترة قصيرة وبمساعدة 500 فني متخصص إلى واحدة من اكبر قاعات الرقص في العالم تتسع لحوالي 5000 شخص. وتعمد الشركات الكبيرة والبنوك مثل البنك الالماني وشركة سيمنس والشركة المصنعة لسيارات"بورشه" وغيرها، وكذلك العائلات الغنية، الى حجز مقصورات خاصة بها تطل على القاعة بسعر يصل إلى 16500 يورو للمقصورة الواحدة. يفتتح الحفلة 90 زوجاً من الشابات بالفساتين البيضاء والشبان بالبدلات الرسمية. وتحت قيادة مدير مدرسة الرقص الفيينية يبدأ الجميع الرقص على انغام موسيقى الفالس ليوهان شتراوس الابن. وفي هذا العام شاركت شابة وشاب صينيان ما زاد من عدد مشاهدي الحفلة بعد نقلها إلى الجمهور الصيني. في اليوم التالي لحفلة الحفلات، تقام حفلة أخرى ل 7000 طفلة وطفل في القاعة نفسها وعلى انغام الفرقة السيمفونية بقيادة الموسيقار الياباني ذائع الصيت سيجي اوسافا والتي تقدم اوبرا"الناي الساحر"لموزارت وعدداً من الاعمال الموسيقية للاطفال. وأقيمت هذا العام للمرة الرابعة والاربعين حفلة"البال"السنوية التي تسمى أيضاً حفلة الطبقة الغنية في العالم وجميلاتها. وأُختير اللون البرتقالي لحفلة هذا العام، فكان هو لون 60 ألف زهرة زينت القاعة، وكذلك كانت ملابس فرقة الباليه المشاركة في حفل الافتتاح برتقالية اللون تيمناً بلون الثورة"البرتقالية"في اوكرانيا. رقص على أنغام موسيقى الفالس 4500 شخص من الذين اشتروا بطاقات الحفلة التي عادة ما تباع قبل ذلك بأكثر من سبعة شهور. وتعتبر حفلة"البال"السنوية حدثاً مهماً في الحياة الثقافية والاجتماعية ليس على مستوى النمسا وأوربا فحسب وانما على مستوى العالم، فهي ملتقى السياسيين ورجال الاعمال من دول كثيرة يأتون لعقد الصفقات السياسية والتجارية. وقد ألقت مأساة تسونامي بظلالها على الحفلة حيث تخلف عن الحضور كثير من الاسماء العالمية المشهورة. اصبحت هذه الحفلة بضاعة نمسوية ذات"ماركة مسجلة"تقام في عدد من المدن العالمية الكبرى مثل نيويورك وبراغ وبودابست، وهذا العام ستقام للمرة الأولى في المنطقة العربية في فندق برج العرب بدبي.