في قاعات العزاء في قصر قريطم، تناقل الحاضرون خبر وصول طائرة الرئيس الفرنسي جاك شيراك الى مطار بيروت في الساعة الثالثة بعد ظهر أمس بينما كان نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام يهم بالمغادرة. ورافق خدّام رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الذي اجتمع معه في منزله قبيل توجههما الى قريطم ورافقهما الى الباب الخارجي بهاء الدين الحريري نجل رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري فانطلقت في القاعة صيحة"يا جبل ما يهزك ريح يا أبو تيمور"في إشارة الى زعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الذي كان أول من تلقى التعزية بعد أبناء الفقيد وأخوه شفيق. ورافق الرئيس شيراك زوجته برناديت ومستشاره موريس غوردو مونتانييه والناطق باسم الرئاسة الفرنسية جيروم بونافون، وكان في استقبالهم نجل الحريري أيمن ومستشار الحريري باسيل يارد والسفير مصطفى مصطفى مسؤول المراسم في الخارجية، ونزار دلّول ومحمد الحريري. ودان شيراك اغتيال الحريري في كلمة القاها فور نزوله من الطائرة، واصفاً العمل بأنه"يذكّر بالاساليب الاجرامية للأزمنة القديمة". وقال:"جئت أعزي زوجة الفقيد وأولاده وعائلته وأصدقاءه وأؤكد للشعب اللبناني بمختلف أطيافه تضامني معهم أكثر من أي وقت مضى، مقدراً الخسارة الكبيرة ومستنكراً الجريمة النكراء". وأضاف شيراك:"إن عملية الاغتيال التي تعرض لها رفيق الحريري أغضبت الاسرة الدولية مما يحدونا الى ضرورة إلقاء الضوء على هذا العمل الشنيع الذي لا يوصف وكشف الحقيقة كاملة. لقد جسد الحريري مثالاً للديموقراطية في لبنان، مثالاً للسيادة والاستقلال في هذا البلد الذي كان شغوفاً به، وأنا شاهد على ذلك...إنها خسارة كبرى للبنان، إنها خسارة كبرى للعالم". وكان شيراك الذي تحدث خلال الاجتماع الاسبوعي للحكومة الفرنسية قبيل توجهه الى بيروت وصف الحريري ب"رجل السلام". ونقل قصر الاليزيه ان شيراك اراد التوجه الى بيروت ليعبّر للبنان عن"صداقة فرنسا الثابتة حياله". وفي تمام الثالثة والنصف دخل الرئيس شيراك والوفد المرافق له قصر قريطم واختلى بعائلة الفقيد في جناح خاص بعيداً من بقية المعزّين والصحافيين. واستمرّت الوفود اللبنانية والاجنبية الرسمية بالتوافد الى مجلس العزاء وأبرزهم مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط ويليام بيرنز، ووزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الذي اختلى بوزير المال في عهد الحريري فؤاد السنيورة، فيما اجتمع جنبلاط مع مدير الايليزيه ومستشار شيراك مونتانييه والسفير الفرنسي في بيروت برنار ايميه. والتقى شيراك وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل. وفي تعليق على زيارة شيراك قال سعد الدين الحريري نجل الرئيس الراحل:"لطالما اعتبرنا كأبنائه ونحن اعتبرناه كأخ لنا أو كأب. الرئيس شيراك هو رجل يعرف معنى الصداقة ولهذا السبب أتى يودع والدي الذي قتل في حادث مفجع يناقض كل مبادئ الحرية والديموقراطية". وعندما سئل ماذا قال لهم أجاب:"لقد أتى وهذا يكفي. ليس عليه أن يقول شيئاً سوى أنه جاء ليكون معنا. وهذا أمر لا أعرف كيف أصفه. إنه صديق عظيم".