شدد الحزب الوطني الحاكم في مصر من قبضته على مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) بعد إعلان حصوله على 60 مقعداً في الانتخابات التي أجريت الثلثاء الماضي، بعدما أُعلن في وقت سابق عن فوزه ب 14 مقعداً ب «التزكية». وينافس الحزب الحاكم على 10 مقاعد أخرى في جولة الإعادة المنتظر أن تلتئم الثلثاء المقبل. ووضعت انتخابات الشورى «النزاهة والشفافية» من جديد أمام محك حقيقي بعدما اشتكت المعارضة المصرية وفي مقدمها جماعة «الإخوان المسلمين» من عمليات تزوير واسعة النطاق حصلت لمصلحة مرشحي الوطني. لكن الحزب الحاكم شدد على أن العملية الانتخابية اتسمت ب «الحيادية والتنافسية» وفي ظل إشراف قضائي وممثلين عن منظمات حقوق الإنسان. وكان المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي الذي يستعد اليوم (الجمعة) لزيارة محافظة الفيوم (جنوبالقاهرة)، دعا المصريين وقوى المعارضة إلى عدم الاشتراك في ما وصفه ب «المسرحية الانتخابية» التي لا تتسم بأبسط قواعد النزاهة. وأسفرت نتيجة انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى التي شهدت إحجاماً من قبل الناخبين وغياباً للتنافس، عن فوز الحزب الوطني ب 74 مقعداً بينها 14 بالتزكية و60 تم التنافس عليها. وفاز أيضاً أربعة مرشحين من أحزاب المعارضة بواقع مرشح واحد عن كل من أحزاب الغد والتجمع والعربي الناصري وحزب الجيل. وتبقت 10 مقاعد موزعة على خمس محافظات (جنوبسيناء وسوهاج والبحر الأحمر وأسوان وقنا) ستجرى فيها انتخابات الإعادة الثلثاء ويتنافس فيها 20 مرشحاً من بينهم 11 مرشحاً من الحزب الوطني الحاكم و9 من المستقلين. وسُجّل أن حزب الوفد العريق وجماعة «الإخوان» خرجا من الانتخابات من دون تحقيق أي نتائج. ويُتوقع أن يسعى الحكم بعد إعلان نتيجة جولة الإعادة إلى زيادة حصيلة المقاعد بالنسبة إلى أحزاب المعارضة من خلال التعيينات التي يجريها الرئيس المصري، وهو الإجراء الذي تشهده كل انتخابات تجديد نصفي لمجلس الشورى كل ثلاث سنوات. ووفق القانون المصري فإنه سيكون على الرئيس حسني مبارك تعيين 44 مقعداً هي الثلث الباقي من إجمالي نصف مقاعد مجلس الشورى (132 مقعداً). ومن المنتظر أن تشمل التعيينات عدداً من أعضاء أحزاب المعارضة، إضافة إلى النساء والأقباط، إضافة إلى أكاديميين. وقالت اللجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات إن عدد الناخبين في الانتخابات بلغ نحو 25 مليون ناخب، حضر منهم نحو 7 ملايين أدلوا بأصوات صحيحة. لكن منظمات حقوقية اضطلعت بالإشراف على الانتخابات قالت إن هذا الرقم مبالغ فيه، وأكدت أن عدد الذين اقترعوا في الانتخابات لا يتجاوز 6 في المئة من إجمالي من لهم الحق في التصويت. وأكد رئيس اللجنة القاضي انتصار نسيم أن اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات أدت دورها على الوجه الأكمل؛ حيث قامت بإجراءات الفرز في شفافية ووضوح وفي حضور المرشحين ومندوبيهم ومنظمات المجتمع المدني المصرية المصرح لها، بالإضافة إلى المراسلين العرب والأجانب، مشيراً إلى أن اللجان العامة أبطلت أي صناديق انتخابية تسرب إليها «ولو ذرة من الشك» أنه تم التلاعب فيها، على حد وصفه. ومن أبرز ملامح الفائزين في الانتخابات وزير الأوقاف الدكتور محمود حمدي زقزوق الذي حافظ بفوزه في الانتخابات على عضويته في مجلس الشورى عن الحزب الوطني في دائرة طلخا في محافظة الدقهلية، وحمدي خليفة نقيب المحامين الذي فاز عن الحزب الوطني في دائرة الدقي في محافظة الجيزة، فيما فازت سيدة واحد فقط كانت هي المرشحة الوحيدة في الانتخابات عن الأحزاب وهي السيدة هدى الطبلاوي عن الحزب الوطني، فيما رسبت 10 سيدات أخريات رشحن أنفسهن مستقلات. كما فاز في الانتخابات أيضاً ثلاثة أقباط اثنان منهم في صعيد مصر وهما عيد لبيب بولس طلماووس عن دائرة ملوي في محافظة المنيا، ومالك يعقوب قلدس حنا الله عن دائرة قسم أول محافظة أسيوط، إلى جانب المرشح كرم أنور بخيت عزب الذي فاز بالتزكية في دائرة باب شرقي في محافظة الاسكندرية. واستنكر الخبير السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي ما شهدته انتخابات الشورى من «انتهاكات وتزوير لإرادة الناخبين» بحسب ما قال، معتبراً أن الحكم فشل حتى في «إخراج المسرحية الانتخابية» وهو ما أساء إلى صورة النظام في الداخل والخارج. وقال ل «الحياة»: «ما جرى في الاستحقاق الأخير منذ بدايته شيء سيء للغاية، ويدل على أن النظام ليس لديه أي بوادر نية لإحداث إصلاح سياسي في البلاد». وأكد أن المرحلة المقبلة ستشهد «مزيداً من الإقصاء السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، كما أن الحزب الحاكم سيسعى إلى استرضاء أحزاب المعارضة من خلال منحة التعيينات»، في إشارة إلى 44 مقعداً أعطى القانون المصري الرئيس مبارك الحق في تعيينها. في غضون ذلك، يعتزم المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية تكرار زياراته للمحافظات الإقليمية، وأفيد أن البرادعي سيزور اليوم (الجمعة) محافظة الفيوم في ثاني محطة خارج القاهرة بعد زيارته قبل شهر مدينة المنصورة. ويهدف البرادعي من زيارته إلى حشد المؤيدين خلف مطالبه الإصلاحية، إضافة إلى شرح مطالبه في شأن إجراء إصلاحات دستورية وقانونية تؤمّن ديموقراطية حقيقية إلى عوام الشارع المصري.