استحوذ موضوع الإرهاب على اهتمام قادة الدول المشاركة في القمة العالمية في الأممالمتحدة، وانعقد مجلس الأمن في جلسة تاريخية على مستوى الرؤساء لتبني قرار يطالب الدول بأن"تحظر قانونياً التحريض على ارتكاب عمل أو أعمال إرهابية"، وأن"تحرم من الملاذ الآمن أي أشخاص توجد بشأنهم معلومات موثقة وذات صلة تشكل أسباباً جدية تدعو لاعتبارهم مرتكبين لذلك التصرف". وأعلنت قناة التلفزيون الاسرائيلية الثانية أ ف ب أن رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون والرئيس الباكستاني برويز مشرف تصافحا أمس في أروقة الاممالمتحدة. واضافت ان مشرف قدم قرينته الى شارون ووصف اللقاء بأنه"ودي". وخاطب الرئيس الأميركي جورج بوش الجمعية العامة للأمم المتحدة مركزاً على ضرورة مكافحة الإرهاب. ولم يذكر بوش أي نزاعات اقليمية، مكتفياً بالإشارة فقط الى العراق كنموذج"يلهم الآخرين للمطالبة بحريتهم". وشدد على أن"نجاح العراق هو لمصلحة العالم أجمع". وقال:"لا يوجد أي دولة متحضرة يمكن أن يكون في صالحها قيام دولة إرهابية جديدة في العراق". ودعا"الدول الحرة"الى أن"تعمل مجتمعة لمساعدة الشعب العراقي في بناء دولة جديدة تستطيع حكم ذاتها وحماية نفسها". وقال إنها"لفرصة مثيرة لنا جميعاً في هذه القاعة"، متعمداً ابراز مساعدة الأممالمتحدة في الانتخابات وفي كتابة دستور جديد للعراق. وأضاف:"يجب على الأممالمتحدة ودولها الأعضاء أن تتابع دعمها للشعب العراقي في انهاء مسيرتهم، وان نجاحهم سيلهم الآخرين للمطالبة بحريتهم، وسينمو الشرق الأوسط بسلام وأمل وحرية، وسنعيش كلنا في عالم آمن". وتحدث بوش عن"الإرهاب الذي يغذيه الغضب والبؤس"والذي يطال الجميع حتى أولئك الذين لم يشهدوا هجمات على أراضيهم. وقال:"لا يمكن أن يكون هناك أمن ولا يمكن اختيار الحياة الهادئة إذا غض النظر من خلال تجاهل معاناة الآخرين واضطهادهم". وتابع:"هناك خياران: انتشار الأمل أو انتشار العنف... ويجب علينا ن نأخذ جانب الأمل". ودعا الى"استعمال الوسائل الديبلوماسية والمالية لقطع تمويل الإرهاب وتجريده من الدعم". وقال:"من خلال حربنا على الإرهابيين، يجب أن يدركوا أن العالم متحد ضدهم. يجب علينا أن نتوصل الى اتفاق شامل ضد الإرهاب". ولوحظ ان بوش لم يذكر في خطابه موضوع ايران اطلاقاً علماً بأنه طرح موضوع ايران في كل لقاءاته الثنائية كما قدم"جَزَرة"الى طهران من خلال دعم حق ايران في الطاقة النووية المدنية. واجتمع بوش فور انتهاء مخاطبته الجمعية العامة مع رئيس وزراء اسرائيل ارييل شارون. وقالت مصادر ان الاسرائيليين فوجئوا بعدم ذكر بوش الانسحاب من غزة في خطابه. وحسب المصادر، فإن شارون تذمر أثناء لقائه بوش من السلطة الفلسطينية و"عدم قيامها بما يكفي". لكن الرئيس الاميركي، حسب المصادر، دعا شارون الى الصبر واعطاء السلطة الفلسطينية المزيد من الوقت. وفي خطابه أمام الجمعية، حض الأمين العام كوفي انان قادة العالم على الاستمرار في العمل على الاصلاح"وان يتحلوا بالصبر والمثابرة وبالرؤية الضرورية للتوصل الى اجتماع حقيقي". وفيما عرض انان الانجازات المهمة في الوثيقة التي ستتبناها القمة باعتبارها"صفقة تغيير ذات ابعاد مهمة"، قال انان"دعونا نكون صريحين مع بعضنا بعضاً ومع شعوب الأممالمتحدة، فنحن لم نتوصل الى الاصلاح الشامل والجذري الذي أنا وآخرين نؤمن بأنه ضروري. فالخلافات الحادة، وبعضها جوهري وشرعي، لعبت دورها في منع تحقيق ذلك الاصلاح". ولفت الى"الاختراق"الذي تتضمنه الوثيقة في مجالات محاربة الفقر والأمراض والأمية، كما في مجال حماية الشعوب. وقال مخاطباً القادة انه عند تبني الوثيقة"للمرة الأولى، ستقبلون بوضوح ومن دون أي غموض، بأن عليكم مسؤولية جماعية لحماية الناس من الإبادة وجرائم الحرب والتنظيف العرقي والجرائم ضد الانسانية". كما ركز انان على أهمية إدانة الوثيقة للارهاب"بكل أشكاله وظواهره بغض النظر عمن ارتكبه أو اين ارتكب أو لأية أهداف". وأثناء جلسة مجلس الأمن، دعا الى تبني استراتيجية من ستة نقاط اساسية هي:"أولاً، انجاز اتفاقية دولية شاملة تلتزم الدول بموجبها اعتبار الارهاب بكل اشكاله جريمة. ثانياً، حرمان الارهابيين من الوسائل لشن الارهاب خصوصاً اسلحة الدمار الشامل. ثالثاً، منع الدول من دعم الارهاب مع إبراز استعداد مجلس الأمن لاتخاذ اجراءات عقابية ضد الدول التي تدعم الارهاب. رابعاً، تطوير الديموقراطية والحكم الصالح لمنع الارهاب. خامساً، الدفاع عن حقوق الانسان. سادساً، تعويض ضحايا الارهاب من الأموار المجمدة للارهابيين". أما رئيس وزراء بريطانيا توني بلير، صاحب المبادرة لإصدار القرار ضد التحريض على الإرهاب، فخاطب مجلس الأمن قائلاً:"يجب ألا نقلل من أهمية ما نواجهه". وأشار الى أن الإرهاب ضرب كل القارات وأنه"حركة لديها ايديولوجية واستراتيجية وليست فقط للتسبب بالقتل وإنما أيضاً للتسبب بالفوضى وعدم الاستقرار ولدبّ الانقسام بيننا وارباكنا". ودعا الى عدم السماح للإرهابيين بأن"يستغلوا انقسامنا أو ترددنا، فهذه هي نقطة ضعفنا وهم يدركون ذلك". وتعمد بلير الاشارة الى أن معظم ضحايا الإرهاب هم من المسلمين"فلا يمكن أن يكون الإرهاب دفاعاً عن الإسلام". الرئيس الجزائري، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، عبدالعزيز بوتفليقة، دعا الى"تعريف توافقي للإرهاب، وكذا تحديد نطاق تطبيق للاتفاق الشامل بغية تفادي أي خلط بين الإرهاب والكفاحات المشروعة للشعوب من أجل تحررها أو تقرير مصيرها، وهي كفاحات تغطيها قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني". وتابع:"ينبغي لالتزام المجتمع الدولي بمكافحة الإرهاب أن يتفادى كل خلط بين مظاهر العنف الإرهابي وبعض الثقافات أو الديانات التي يُعتقد أنها تتسبب في مثل هذه التطرفات أو تشجعها".