سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
يناقشان تنفيذ "الخريطة" والاسرى والاستيطان والقيود على صفقات الاسلحة والتبرعات ل"حماس". شارون سيطلب من لندن مقاطعة عرفات وبلير سيحضه على وقف بناء "جدار الفصل"
على رغم الحفاوة الديبلوماسية المتعمدة التي سيلقاها رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون خلال زيارته للندن ومحادثاته مع نظيره البريطاني توني بلير، الا ان خلافات عميقة ستظل قائمة بين الجانبين في شأن المستوطنات و"الجدار الأمني"، وكذلك الموقف من الرئيس ياسر عرفات. وحرصت حكومة بلير على ان تضفي طابعاً اكثر حرارة من ذي قبل على زيارة شارون التي تبدأ مساء الأحد، اذ وجه اليه بلير هذه الدعوة الرسمية في محاولة لإنهاء أي توترات سابقة بينهما من أجل تشجيع رئيس الوزراء الاسرائيلي على تنفيذ "خريطة الطريق" بهدف التوصل الى تسوية نهائية بين الفلسطينيين واسرائيل، وفقاً لمصادر ديبلوماسية مطلعة في لندن. وتؤمن بريطانيا أن شارون اصبح زعيماً عملياً اكثر مرونة عن ذي قبل. ويعتقد المسؤولون البريطانيون انه ينبغي استثمار موافقة شارون على مضض على "خريطة الطريق"، على رغم التحفظات التي أبداها وذلك من اجل المضي قدماً في المحادثات الاسرائيلية - الفلسطينية وانهاء النزاع بين الجانبين. وتعمد بلير ان يكون شارون ضيفه على مأدبة عشاء خاصة يقيمها له في عشرة داوننغ ستريت. وستبدأ المحادثات مساء الاثنين، ومن المنتظر ان يمضي بلير وشارون وقتاً ملحوظاً على انفراد في محادثاتهما خلال العشاء من دون حضور مسؤولين من الجانبين، وفقاً لما ذكرته المصادر الديبلوماسية. وجاءت دعوة بلير الى شارون بعد ثلاثة اشهر من انتهاء الحرب في العراق وسقوط نظام صدام حسين، وهي خطوة كانت اسرائيل تحض على اتخاذها، لذلك فإن شارون سيعرب خلال محادثاته مع بلير عن تقديره لدور بريطانيا في العمل العسكري في العراق. وكانت علاقات بريطانيا مع اسرائيل توترت قبل الحرب بعد ان رفضت اسرائيل السماح لوفد فلسطيني بالسفر الى لندن لحضور مؤتمر رعاه بلير لإصلاح المؤسسات الفلسطينية، وهي خطوة كان من المفترض ان تحظى برضى اسرائيلي. وزادت التوترات بين الجانبين عندما أعلن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو قبل الحرب ان تنفيذ الحظر الدولي على العراق فيما تتجاهل اسرائيل قرارات الأممالمتحدة، يعطي العرب الانطباع بوجود معايير مزدوجة هنا. لكن الديبلوماسية البريطانية التي تحرص على وجود علاقات خاصة مع اسرائيل سعت الى تحسين الموقف بدعوة وزير الخارجية الاسرائيلي سيلفان شالوم لزيارة بريطانيا والتقى خلال وجوده بلير ونظيره البريطاني. وأعلن الجانبان بعد المحادثات ان التوترات بينهما انتهت وعادت العلاقات القوية بينهما. لكن الديبلوماسيين المطلعين يقولون ان بلير سيوضح خلال محادثاته مع شارون مخاطر بناء "الجدار الأمني" وسيطالب بوقف بنائه في الضفة الغربية. كما سيحض شارون ايضاً على تقديم تنازلات للفلسطينيين بالافراج عن المعتقلين الفلسطينيين، وكذلك العمل على بناء الثقة مع الفلسطينيين من اجل تنفيذ "خريطة الطريق". ومن المنتظر ان يطالب شارون بريطانيا بأن تقطع "كل علاقاتها مع الرئيس ياسر عرفات وانه اذا لم يتم ذلك فإن عملية السلام ستتعرض للعراقيل، وهو ما أعلنه شارون في حديث مع صحيفة "الدايلي تلغراف" البريطانية عشية زيارته لندن التي ستستمر ثلاثة ايام. لكن المسؤولين البريطانيين دافعوا عن ضرورة استمرار الاتصالات مع عرفات الذي يعتبر اكثر الزعماء الفلسطينيين تمتعاً بالشعبية وله نفوذ مهم لجهة التأثير على الفلسطينيين في شأن عملية السلام. ومن المتوقع ان يكرر بلير ذلك على مسامع شارون. ومن بين القضايا الاخرى التي سيثيرها شارون ضرورة تخفيف بريطانيا القيود التي تفرضها على مبيعات المعدات العسكرية الى اسرائيل، وكذلك اتخاذ اجراءات ضد المنظمات الخيرية التي يُزعم انها تقدم اعتمادات مالية الى منظمات مثل "حماس". وستشمل محادثات شارون في لندن الى جانب "خريطة الطريق"، "تهديدات الارهاب العالمي والبرنامج النووي الايراني" وكذلك وقف ما تسميه اسرائيل "التحريض ضدها ومعاداة السامية" في بعض الأوساط البريطانية. وسيلتقي شارون ايضاً خلال زيارته زعيم حزب المحافظين المعارض ايان دنكان سميث، وكذلك مع زعماء الطائفة اليهودية القوية النفوذ في بريطانيا. شارون يقاطع "بي بي سي" ومن اللافت ان شارون لم يوجه الدعوة الى هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي لحضور إفطار العمل الذي سيقيمه صباح الثلثاء المقبل لرؤساء تحرير الصحف والكتاب البريطانيين، وذلك بعد العقوبات التي فرضتها اسرائيل على الهيئة بعد البرنامج الوثائقي الذي بثته أخيراً في شأن اسلحة الدمار الشامل الاسرائيلية، خصوصاً برنامجها النووي والبيولوجي. وكان هذا البرنامج أذيع في آذار مارس الماضي تحت عنوان "أسلحة اسرائيل السرية"، وأثار ضجة بسبب الاتهامات بالمعايير المزدوجة بالنسبة الى طريقة معالجة أسلحة الدمار الشامل العراقية عن طريق الحرب، مع تجاهل البرنامج النووي الاسرائيلي. من ناحية اخرى، يقر المسؤولون البريطانيون بأن الدور البريطاني والأوروبي بالنسبة الى الشرق الأوسط مكمل للدور الاميركي الرئيسي خصوصاً بعدما تعهد الرئيس جورج بوش بممارسة نفوذ كبير على اسرائيل لتنفيذ "خريطة الطريق". ويشير المسؤولون الى ان بلير بذل جهداً لاقناع بوش بأهمية التحرك في الشرق الأوسط. الى ذلك رويترز، قال شارون في مقابلة مع صحيفة "دايلي تلغراف" انه مستعد لتقديم "تنازلات مؤلمة" من أجل التوصل الى سلام دائم وفعلي، وطالب الفلسطينيين ببذل جهد بنسبة مئة في المئة ضد "الارهابيين" وحض أوروبا على قطع الاتصال مع عرفات. وقال شارون: "اذا كانت هناك حكومة فلسطينية واذا كانت هناك اصلاحات فعلية واذا ما كانت هناك خطة على مراحل وتم وقف الارهاب بصورة كاملة في المرحلة الاولى، فانني مستعد لتقديم تنازلات مؤلمة... أنا مستعد لتقديم تنازلات مؤلمة من اجل سلام حقيقي ودائم وفعلي. لقد تحدثت عن تقديم تنازلات في مهد الشعب اليهودي ... لكن عندما تتعلق المسألة بأمن مواطني إسرائيل لن تكون هناك أي تنازلات، ليس الان ولا في المستقبل". وأضاف: "بالنسبة الي السلام يعني الامن وحق الشعب اليهودي في الحياة في سلام... اسرائيل هي البلد الوحيد في العالم المستعد لتقديم تنازلات حتى بالرغم من انه لم ينهزم في اي حرب". وأكد انه لن تقدم اي تنازلات اذا ما استمر "الارهاب"، لكنه يرى "للمرة الاولى ان هناك املا" بعد تولي رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس منصبه. لكنه اضاف: "اذا لم تقض الحكومة الفلسطينية الجديدة على المنظمات الارهابية ولم تجمع الاسلحة وتسلمها الى طرف ثالث لتدميرها، واذا لم تتخذ اجراءات وقائية لازمة وتوقف التحريض فلن يحدث اي تقدم". وفي سؤال عن الوقت الذي من المحتمل ان تتخذ فيه اسرائيل خطوات نحو قيام دولة فلسطينية، أجاب شارون: "كنت انا من اقترح الاعتراف بدولة فلسطينية منزوعة السلاح تماما. انا أريد هذا وأمامي وقت لذلك... ما زالت هناك أربع سنوات قبل الانتخابات المقبلة... سأبذل جهدا كبيرا لحل هذه المشكلة وإحراز تقدم". وذكر شارون ان الاسرائيليين سيكونون مستعدين لتقبل وقوع حادث "ارهابي" شرط ان يبذل الفلسطينيون جهدا بنسبة مئة في المئة. واضاف انه يعني بذلك "اعتقال الارهابيين ومؤيديهم والذين يحرضون على القتل والتحقيق معهم ومعاقبتهم". كما طالب بضرورة القضاء على جماعات مثل "حركة المقاومة الاسلامية" حماس و"الجهاد الاسلامي" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" و"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين". وعما اذا كان عرفات يمتلك القوة الكافية لاعاقة عملية السلام، قال شارون ان الرئيس الفلسطيني يقوم بذلك فعلا وهو يسيطر على جزء كبير من الجماعات المسلحة والموارد المالية. وتابع: "أعتقد ان من الخطأ الجسيم مواصلة الاتصال بعرفات لان عرفات يقوض حكومة مازن"، معتبرا ان الرئيس الفلسطيني "يتلقى مكالمات هاتفية من زعماء غالبيتهم من اوروبا ويستقبل رسائل ووزراء خارجية وآخرين... كل هذه الزيارات والمكالمات الهاتفية ترجئ الحل". وقال ان الحديث عن الحدود لم يحن وقته بعد لأن هذا يعني الدخول في مرحلة المفاوضات. واضاف ان الحدود النهائية ستعتمد على صورة العلاقة والمفاوضات التي ستجرى بين الجانبين. واستطرد قائلا انه تكلم عن الدولة الفلسطينية من دون ذكر الحدود "لأن الحدود النهائية سيجري الاتفاق عليها في المرحلة الثالثة من الخريطة. ان الخطة توصف بأنها خطة تقوم على الاداء... لا بد من تنفيذ البنود كاملة. نحن لن ننتقل من مرحلة او مرحلة فرعية الى اخرى ما لم تنفذ المرحلة التي تسبقها كاملة". كما أعلن شارون عن خطط تهدف الى جلب مليون يهودي اخرين الى اسرائيل خلال ما بين 10 الى 13 سنة المقبلة. وسئل عن توتر العلاقة بين اسرائيل وبريطانيا بسبب موقف بلير من "خريطة الطريق"، فقال: "اعتقد ان رئيس الوزراء بلير صديق... وصديق لاسرائيل... أنا اعتقد ان أوروبا وبريطانيا لا بد ان تقوما بدور اكثر فاعلية في العملية السياسية. المشكلة التي نواجهها مع اوروبا هي ان موقفها غير متوازن". وقال شارون انه قبل "خريطة الطريق" وانه ملتزم بها بالرغم من وجود 14 تحفظا اسرائيليا عليها، لكنه قال: "عندما تتعلق المسألة بالأمن فان ما من شيء سيدفعنا الى التخلي عن حقنا في الدفاع عن أنفسنا".