شهدت أسعار الإقراض والحسم في السوق المصرفية المصرية اخيراً خطوة جديدة نحو الإصلاح الهيكلي لأسعار العائد، التي اتسمت في مدار العامين الماضيين ببعض الارتباك، وأثر ذلك على أسعار الإيداعات التي شهدت تنافساً لتحصين المراكز المالية. وبقيت أسعار الإقراض معزولة بارتفاعاتها غير المبررة بعيداً من متناول المقترضين، خوفاً من شبح التعثر، حتى جاء قرار لجنة السياسة النقدية في المصرف المركزي بخفض أسعار"الكوريدور"بواقع 0.5 في المئة لأسعار الإيداعات التي يقبلها المركزي من المصارف، وواحد في المئة لأسعار القروض التي يقدمها إليها. و"الكوريدور"الذي خفض المركزي المصري أسعاره، هو مؤشر لأسعار الإقراض والخصم لليلة واحدة، وحتى أسبوع، وهو يتحكم في تحركات أسعار العائد في التعاملات بين المصارف، التي تعرف بپ"الانتر بنك". ومن ثم فهو مؤشر حركة السيولة من جهة أخرى، التي يستهدف المركزي التأثير فيها من طريق هذه الأداة، وتراجع أسعار هذا المؤشر في حديه الأدنى والأقصى، يشير إلى وفرة السيولة لدى كلا الطرفين، المركزي والمصارف العاملة، ما يعني تأثر حركة النشاط الاقتصادي، المعني الأول بهذه التطورات. وحول هذا التطور، أشار المدير العام السابق في مصرف مصر الدولي احمد عبدالوهاب، إلى أن التراجع الذي شهدته أسعار الإقراض والحسم يكشف وجود فوائض داخل الجهاز المصرفي عامة، وهي فوائض يفترض أن تذهب إلى الائتمان المحلي مباشرة، لتمويل عمليات النشاط المختلفة، التي تحقق معدلات النمو المستهدفة، وتعمل على توليد عائدات أكثر من أسعار الإقراض بين المصارف، والتي يفترض ان تعبر عن فروق الفائض والنقص في مراكز المصارف اليومية بفعل الانغماس في نشاط السوق، وليس الاقتصار عليها في حد ذاتها. وشدد على أن الخفض الطارئ على تلك الأسعار، ينبغي أن يحض المصارف على خفض أسعار الإقراض لديها لتشجيع الائتمان، وليس الاقتصار على الاستفادة من خفض متوسطات أسعار الايداعات لديها، ومن ثم انخفاض تكلفة الأموال فيها، والتي ظلت آثارها على مدار أشهر العام الحالي معزولة عن النتائج التي كان يفترض ان تؤدي إليها. بدوره، أوضح الخبير المصرفي نبيل حشاد، أن التحول الذي شهدته أسعار الإقراض والحسم، يستهدف في المقام الأول تصحيح الاختلالات الهيكلية لأسعار العائد، التي بدأت تمثل ظاهرة داخل السوق المصرفية، بسبب الحرية التي تتمتع بها المصارف لزيادة خدماتها ومنتجاتها في غياب مؤشرات فاعلة لقيادة حركة تلك الأسعار، وهو ما عمل المركزي على تحقيقه أخيراً.