يبحث عدد كبير من أصحاب المشاريع الصغيرة المصرية في إعادة هيكلة التمويلات التي حصلت عليها بعد حض المصرف المركزي المصري المصارف مطلع العام الماضي على خفض أسعار الفائدة عبر الإعفاء الممنوح للرصيد الدائن من نسبة الاحتياط الإلزامي من جهة والخفض التراكمي الذي طرأ على أسعار الفائدة السنوية بواقع واحد في المئة وكذلك سعري الإقراض والحسم بالنسبة ذاتها، ليصبح تراجع أسعار الفائدة الإجمالي خلال تلك الفترة نحو ثلاثة في المئة. ويعود التوجه الجديد لعدد من جمعيات الأعمال والمستثمرين إلى رغبة الشريحة الأكبر من أصحاب المشاريع داخل القطاع في الحد من كلفة التمويل الذي تحصل عليه، ويصل إلى نحو 4.4 في المئة بأسعار السوق، في حال تجديد التسهيلات التي سبق لهم الحصول عليها أو جانب منها عبر التسديد المقدّم وطلب تسهيلات جديدة بأسعار مخفضة للفائدة. وعلمت «الحياة» أن هناك طلبات قُدمت إلى المصارف لتسديد قروض، طالب أصحابها بخفض سعر الفائدة على الرصيد المدين المتبقي منذ سريان قرار «المركزي»، إلا أن المصارف رفضت الطلبات بعدما أبلغها «المركزي» عدم سريان القرار بمفعول رجعي. وأفاد مصدر في أحد المصارف الحكومية في مصر بأن «إعادة هيكلة بعض عمليات التمويل جرت أخيراً، على رغم عدم النضج المالي لبعض المشاريع التي تعاملت بمنطق الاستفادة المباشرة». ويرى خبير التمويل نبيل حشاد أن اللجوء إلى هذه العملية من أصحاب المشاريع الصغيرة يمثل تحوّلاً مهماً في كلفة التشغيل والربحية، لأن المشروع الصغير يعتمد على ضغط الكلفة لزيادة معدلات الربحية وخفض الفائدة، وهو أعمق أثراً منه في المشاريع الكبيرة التي تتأثر بتوسّع الطلب الخارجي وانكماشه وأثر أسعار المواد الخام والإنتاج على عائداتها. وأضاف حشاد أن هناك سبباً آخر لا يقل أهمية يمكن أن يدفع أصحاب المشاريع الصغيرة إلى إعادة هيكلة تمويل مشاريعهم وهو يتعلق ب «الرافعة المالية»، إذ تعتمد غالبية مشاريع القطاع على حصة كبيرة جداً من التمويل المصرفي، تصل إلى مئة في المئة من رأس مال المشروع، بينما تقل مساهمات التمويل الذاتي وتغيب في حالات كثيرة، ما يعني ارتفاع الأثر المتغيّر لخفض أسعار الفائدة في كلفة التشغيل وربحية المشروع. ورأت العضو المنتدبة لمصرف «بي إن بي باريبا» شهيناز فودة أن لجوء أصحاب المشاريع الصغيرة إلى إعادة هيكلة التمويل الذي حصلوا عليه من المصارف هو «رد فعل طبيعي في إطار تكافؤ الفرص»، وينبغي ألا يزعج المصارف الممولة طالما لم تتعرض للضرر، وتابعت أن من الممكن أن يؤدي ذلك إلى تنافس المصارف في ما بينها على عرض تسهيلات للقطاع، وهو أمر ينبغي الحذر منه حتى لا تتحول المنافسة إلى إخلال في ضوابط منح الائتمان. وحتى الآن لم يصدر عن «المركزي» ما يؤدي إلى ضبط هذه العمليات، لأنها تبقى حقاً لكل زبائن المصارف شرط عدم الحصول على تسهيلات لا تتناسب وحجم المشاريع.