ينشغل اللبنانيون بأخبار الجنرالات الاربعة، بينهم من لم يصدق حتى الساعة ان رموز"النظام الأمني"باتوا موقوفين ويساقون بين وقت وآخر للمثول أمام المحققين. والاشاعات كثيرة. هذا انهار وذاك حاول الانتحار وثالث ضرب رأسه بالجدار ورابع مستعد للبوح بما يعرف إذا كانت لجنة التحقيق مستعدة لإبرام صفقة معه. يتابع اللبنانيون أخبار"نادي الجنرالات"بمزيج من الارتياح أو الشماتة أو الاستغراب. ضابط صغير يواكب الجنرالات في رحلاتهم للمثول أمام المحقق يرفض التعليق. يكتفي بابتسامة. الدهر يومان. يقول ويبتعد. منذ السبت الماضي والضباط الاربعة: اللواءان جميل السيد وعلي الحاج والعميدان ريمون عازار ومصطفى حمدان ينزلون في سجن رومية في مبنى يعرف ب"جناح الأحداث"وفي غرف انفرادية معزولة لا تسمح لهم بالاحتكاك مع بعضهم بعضاً او الاختلاط بالسجناء الباقين. وتقع الغرف في الطابق الثاني وكانت ادارة السجون في قيادة قوى الامن الداخلي اعادت تأهيلها واستحدثت في داخلها حمامات زودت بالمياه الساخنة والباردة، ووضع في كل غرفة سرير وطاولة صغيرة وكرسي. ولا يحق للضباط الاربعة مغادرة غرفهم الا في حالين، عندما يتم استدعاؤهم للاستجواب امام لجنة التحقيق الدولية او المحقق العدلي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري القاضي الياس عيد، او لدى السماح لهم، وبحسب قانون السجون، بالقيام بنزهة لمدة ثلاث ساعات وعلى فترات متقطعة في حديقة صغيرة تابعة لسجن الاحداث مشروطة بعدم وجود أي سجين في الحديقة او بعدم توافر الظروف لمقابلة بعضهم بعضاً. يتناول الضباط الاربعة وجبات الفطور والغداء والعشاء التي تعدها المطابخ التابعة للسجن المركزي في رومية، باستثناء اللواء السيد الذي سمح لعائلته بناء لموافقة النيابة العامة التمييزية باحضار وجبات الطعام من منزله. ويمكن ان يشمل"التدبير"الضباط الثلاثة الآخرين في حال تقدمت عائلاتهم من النيابة العامة بطلب مماثل على ان تتحمل هذه العائلات مسؤوليتها بالكامل امام القضاء اللبناني. وإحضار وجبات الطعام للسيد يتم بصورة منتظمة من خلال احد افراد العائلة، او شخص آخر تنتدبه ومعروف من النيابة العامة التي تقوم بتدوين اسمه وكامل هويته لتسمح له ادارة السجن بادخال الوجبات اليه. وفي احدى المرات وأثناء وجود الحاج في مكان احتجازه في مقر المديرية العامة لقوى الامن الداخلي والسيد وعازار وحمدان في مبنى الشرطة العسكرية في الجيش اللبناني في منطقة الريحانية في بعبدا، حدث ان منع اشخاص من ادخال الطعام الى الضباط لأسباب أمنية وعلى خلفية ان اسماء الذين تولوا احضار الطعام من منازل الضباط غير مسجلين لدى امانة السر في النيابة العامة التمييزية. وعزت مصادر امنية السبب الى ان الجهات المولجة بحمايتهم في مقر احتجازهم لا تسمح لأي كان بالدخول ما لم يحصل على موافقة من النيابة العامة، وذلك خشية تعريض أمنهم للخطر او إلحاق أي أذى صحي جراء السماح لمجهولين بإحضار الطعام لهم من خارج النظام المتفق عليه بين عائلاتهم والمدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا. وكشفت المصادر الامنية ان القوى الامنية اضطرت احياناً الى تأمين الطعام لهم من مطاعم معينة من خلال ايفاد عناصر من الجيش او قوى الامن اليها، لشراء ما يطلبونه من دون ان يعرف المكلفون بهذه المهمة الجهة التي سترسل اليها السندويشات. كما ان الادارات المعنية كانت تتعمد الطلب من المكلفين احضار كمية كبيرة من السندويشات للتضليل وتحوطاً من احتمال التقدير بأنها مخصصة للضباط الاربعة. ويتناول الضباط الاربعة وجبات الغداء والعشاء التي توفرها لهم لجنة التحقيق الدولية عندما يكونون في عهدتها، بحسب مصادر في اللجنة لكن هذا يتوقف على مدة استجوابهم امام المحققين الدوليين الذين يدعونهم احياناً لتناول الغداء او العشاء ويتركون لهم حرية اختيار ما يريدون من الوجبات المدرجة على لائحة يقدمونها اليهم. أما في ما يتعلق بطريقة قضاء اوقاتهم في داخل غرفهم، فإن ادارة السجن تمنع تزويدهم بالصحف اليومية او السماح لعائلاتهم باحضار اجهزة الراديو او التلفزيون لهم، لكنها تسمح لهم بقراءة الكتب. وعزت المصادر الامنية السبب الى تطبيق السلطات عليهم الشروط الواردة في قانون السجون بالنسبة الى الموقوفين قيد التحقيق والتي تمنع عليهم قراءة الصحف والمجلات السياسية او الاستماع لجهاز الراديو او مشاهدة التلفزيون، بحجة الالتزام بمنع التشويش على التحقيق من خلال اطلاعهم على الاخبار خلافاً للشروط الاخرى التي تجيز للمحكوم عليهم الافادة من"الممنوعات"المحظورة على الموقوفين. وبالنسبة الى متابعة الوضع الصحي للضباط الاربعة، فإن ادارة السجن تؤمن لهم طبيباً ضابطاً في قوى الامن الداخلي دورياً ويحضر احياناً في حالات خاصة لدى تعرضهم الى طارئ صحي. كما ان ادارة السجن لا تسمح لهم بتناول العقاقير او الوصفات الطبية الا في حضور طبيب السجن الذي يحضر في الوقت المخصص لهم لتناولها، على ان يحتفظ بالدواء معه ولا يسلمه للضابط الذي يشكو من وضع صحي يتطلب المراقبة الطبية خوفاً من ان يبادر الى تناول كميات كبيرة منه يمكن ان تلحق ضرراً بوضعه الصحي يحول دون متابعة جلسات الاستجواب التي ما زالت مستمرة. ويبدي طبيب السجن اهتماماً خاصاً بالوضع الصحي للعميد عازار الذي كان خضع لأكثر من معاينة طوال فترة توقيفه في مقر الشرطة العسكرية وقد تولى الطبيب المعاين معالجته من التهاب في المسالك البولية. وبالنسبة الى مقابلة الضباط الاربعة عائلاتهم ووكلاء الدفاع عنهم، قالت مصادر قضائية ان لا مشكلة في هذا الخصوص ويحق لهم مقابلتهم في رومية بعد موافقة النيابة العامة التمييزية وفي حضور ضباط من قوى الامن الداخلي. كما ان النيابة العامة التمييزية تسمح للذين هم على صداقة مباشرة بالضباط الاربعة بزيارتهم بعد ان يستحصلوا على موافقة خطية منها... اضافة الى تكليف ضباط بمواكبة الموقوفين لدى اخراجهم من السجن للمثول امام المحقق العدلي او المحققين الدوليين. ويتحدث بعض الضباط في العموميات مع الضباط المولجين بمرافقته الى قصر العدل او المونتيفردي، وأحياناً يتطرقون الى توقيفهم وينفون علاقتهم بجريمة اغتيال الحريري ويتطلعون الى براءتهم في النهاية، بينما يلوذ بعضهم بالصمت ولا يتفوه ولو بعبارة واحدة.