تستعد لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لمرحلة ما بعد انتهاء مهمة رئيسها القاضي الألماني ديتليف ميليس في دمشق التي يتوجه إليها اليوم للاستماع الى ضباط سوريين من رتبة عالية، ليسوا فقط ممن خدموا في جهاز الاستخبارات التابع للقوات السورية التي انهت انسحابها من لبنان في 26 نيسان ابريل الماضي، اضافة الى مسؤولين سوريين مدنيين ممن حمّلوا، فور حصول الجريمة، الولاياتالمتحدة الأميركية وإسرائيل مسؤولية ارتكابها. راجع ص 5 من جهة اخرى، يصل النائب سعد الحريري الى نيويورك هذا الاسبوع آتياً من باريس لاجراء اتصالات مع رؤساء وأعضاء الوفود العربية والدولية المشاركة في القمة العالمية في الأممالمتحدة. ويتوقع أن تكون رسالته خلال هذه اللقاءات ان"لبنان يحتاج الى مساعدتكم، شعبه موحد ولا خطر على استقراره نتيجة نزاعات بين أهله، لكنه بحاجة الى حصانة". وسيقول سعد الحريري ان"لدى الحكومة اللبنانية برنامجاً اقتصادياً واجتماعياً جاهزاً للتنفيذ، لكنه يحتاج الى دعم الدول"الذي سيلتقي مع ممثليها. وأفادت مصادر قريبة من الحريري انه سيقول للمسؤولين الذين سيلتقيهم ان"قضية رفيق الحريري ليست قضية عائلة الحريري، ولا هي قضية السنّة في لبنان أو قضية تيار المستقبل، وانما هي قضية كل لبنان ودم رفيق الحريري هو دم كل لبنان". وهو سيقول انه"اذا لم تعرف الحقيقة ولم تتم العدالة في قضية اغتيال رفيق الحريري فهذا يعني أن لا أمل في قيامة لبنان ولا بانتظام ديموقراطي للعلاقات بين الدول العربية وداخلها، وإذا أفلت القتلة من العقاب فإن مثل هذه الجرائم مرشحة لأن تتكرر بين أي دولتين عربيتين وفي أي لحظة". وتوقعت المصادر ان يعقد اجتماع دولي موسع لدعم لبنان على هامش الجمعية العمومية بعد وصول رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة الى نيويورك في 17 الجاري. وعلمت"الحياة"ان الحريري سيقوم، بعد عودته من نيويورك وتوجهه الى الرياض، بجولة على دول عربية وعالمية لدفع قضية مساعدة لبنان. وفي بيروت يتوقع الوسط السياسي اللبناني أن يؤدي استماع ميليس الى الضباط والمسؤولين السوريين كشهود الى توفير عناصر جديدة تسمح بانتقال التحقيق من مرحلة الإفادات الى مرحلة احضار شهود لبنانيين جدد من شخصيات كانت لها ادوار فاعلة في الحقبة السياسية طوال الفترة الأخيرة من الوجود العسكري السوري في لبنان. وسينضم الشهود الجدد المدعوون للإدلاء بإفاداتهم امام لجنة التحقيق والمحقق العدلي الى الشاهدين السياسيين النائبين السابقين الأمين القطري لحزب البعث في لبنان عاصم قانصوه وناصر قنديل اللذين كانت استمعت إليهما اللجنة في فترات سابقة وقررت منع الأخير من مغادرة البلاد واحتفظت بجواز سفره. لكن مصادر لبنانية مواكبة للتحقيقات في مقر اللجنة في المونتيفردي توقعت حصول مفاجآت، كمبادرة ميليس الى توصية النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا بإصدار مذكرات توقيف في حق بعضهم، على غرار ما فعله بالنسبة الى الضباط الأربعة اللواءين جميل السيد وعلي الحاج والعميدين ريمون عازار ومصطفى حمدان. خصوصاً ان الاستماع الى هؤلاء سيقترن هذه المرة بتوسيع رقعة احضار الشهود بدءاً من اليوم الى المونتيفردي بواسطة النيابة العامة التمييزية. وبحسب ما توافر ل"الحياة"فإن التوقعات بحصول توقيفات جديدة هذا الأسبوع في ملف اغتيال الحريري تستند الى المعلومات التي توافرت اخيراً عن اجتماع عقد قبل ثلاثة ايام بين المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي وفريق من المحققين الدوليين في مقر الأول في"سيار الدرك"خصص للبحث في تعزيز المؤازرة الأمنية لهم من اجل القيام بمهمات جديدة وصفت بأنها تتعلق باستدعاء شخصيات سياسية معينة الى المونتيفردي بغية الاستماع إليها كشهود تمهيداً للادعاء على بعضهم. كما ان طلب تعزيز المؤازرة الأمنية للجنة التحقيق تزامن هذه المرة مع انتهاء مديرية قوى الأمن الداخلي من تجهيز عشر غرف في مقرها العام ستخصص للتوقيفات الجديدة بعدما وافق مجلس الوزراء على تشريع النظارة فيه وتحويلها الى سجن رسمي. وتكتمت المصادر على اسماء الشخصيات التي سيتم الاستماع إليها، وقالت ان عملية الاستدعاء تتم بسرية تامة وأن وحدات المؤازرة من قوى الأمن الداخلي لا تحاط علماً بالمهمة الموكلة إليها إلا فور بدء عمليات الدهم. وأوضحت المصادر ان التحقيقات ستسير من الآن وصاعداً في اتجاه آخر وقالت ان ما حصل حتى الساعة لم يكن سوى البدء بعملية التسخين استعداداً للبدء بالتحقيقات الجدية نظراً الى توافر عناصر جديدة لا يزال ميليس يحتفظ بها لنفسه ويحيط النيابة العامة التمييزية بعناوينها الرئيسة. وأكدت أنها تتوقع حصول تطور في التحقيقات، ليس بسبب مهمة ميليس في دمشق فحسب، على رغم انها اساسية لما سيكون لها من انعكاس يفترض ان يحقق تقدماً على صعيد التحقيق، وإنما ايضاً لمبادرة اللجنة الى اجراء مقابلات مباشرة بين الضباط الموقوفين الأربعة، وبينهم وعدد من الشهود وذلك للمرة الأولى منذ اصدار مذكرات توقيف في حقهم. ولفتت المصادر الى ان اللجنة تريثت في السابق في اجراء المقابلات المباشرة باستثناء تلك التي تمت بين اللواء السيد في حضور وكيله المحامي اكرم عازوري و"الشاهد المقنع"، وقالت ان الأمر يعود الى رغبة ميليس في ضم عناصر جديدة الى الملف على خلفية ما سيحمله معه من دمشق ليكون في وسعه تكثيف المقابلات للوقوف على مدى تطابق المعلومات وأقوال الضباط الموقوفين الأربعة وعدد من الشهود الذين استمعت إليهم اللجنة. وإذ اعتبرت ان جلسات الاستجواب والاستماع التي حصلت حتى الآن كانت روتينية قالت المصادر ان الجلسات المتلاحقة لن تكون ابداً عادية او تقليدية، مشيرة الى اهمية خريطة الاتصالات الهاتفية التي انجزتها اللجنة والتي احتوت على تسجيلات للمخابرات الثابتة والخلوية التي سبقت حصول الجريمة، اضافة الى تلك التي اعقبتها، ومؤكدة انها تضمنت معلومات مفيدة للتحقيق من دون ان تستبعد حصول مفاجآت غير متوقعة خلال الجلسات التي ستخصص لإجراء المقابلات. ويصل اليوم رئيس فريق التحقيق الدولي ديتليف ميليس الى دمشق في زيارة ليس معروفاً ما اذا كانت تنتهي اليوم ام تستمر اياماً عدة. ومن المقرر ان يلتقي ميليس مع المستشار القانوني في وزارة الخارجية السورية رياض الداودي للاتفاق على اجراءات لقاءات ميليس مع المسؤولين السوريين. وقالت مصادر رسمية ل"الحياة"ان سورية"مستعدة لمواصلة التعاون مع ميليس تحت سقف السيادة الوطنية ووفق القوانين السورية وطالما ان التحقيق ليس سياسياً". ويتوقع في دمشق ان يقوم ميليس بزيارات متتالية الى سورية في ضوء قراره تمديد مهمته الى نهاية تشرين الاول اكتوبر المقبل. وكان ميليس قال في مؤتمر صحافي انه سيلتقي"ضباطاً سوريين خدموا في لبنان". ولم يعلن الجانب السوري أي معلومات عن اسماء الذين سيلتقيهم.