سالفا كير ميارديت الذي أدى اليمين الدستورية يوم أمس، نائباً أول للرئيس السوداني بعد وفاة جون قرنق، قائد عسكري محنك لكنه سياسي مبتدئ في آن. وتقع على عاتق هذا المقاتل البالغ من العمر 54 عاماً وآخر مؤسس حي ل"الحركة الشعبية لتحرير السودان"التي كان يقود جناحها العسكري، مسؤولية السير بالسودان على طريق السلام بعد اتفاق التاسع من كانون الثاني يناير الماضي الذي أنهى 21 عاماً من الحرب الأهلية 1983-2005 بين الشمال العربي الاسلامي والجنوب ذي الغالبية المسيحية. ومنذ اندلاع الحرب، كان كير صاحب اللحية الكثيفة الحالكة السواد والجبهة القليلة التجاعيد، رجل المقاومة بامتياز الذي يكتفي بدور القائد العسكري من دون أن يكتسب خبرة ديبلوماسية كبيرة، تاركاً هذا المجال لقرنق. ويتحدر هذان الرجلان من قبيلة"الدينكا"التي ينتمي اليها غالبية أبناء الجنوب، الأمر الذي سيوفر له دعماً في صفوف شعبه. ومعلوم أن كير من ولاية بحر الغزال وهو خريج المدرسة العسكرية في الخرطوم وكان ضابطاً شاباً في الجيش الحكومي حين انضم في مطلع السبعينات الى حركة تحرير السودان التي عرفت آنذاك باسم"جيش انيا-انيا". وعند تأسيس"حركة تحرير شعوب السودان"عام 1983، أصبح كير الرجل الثاني فيها وقائد جناحها العسكري. وكان يدير العمليات من مقره في مدينة ياي القريبة من الحدود الأوغندية. وعلى رغم انسحاب كثير من القادة العسكريين من الحركة عام 1990، ظل كير الى جانب قرنق وقررا معاً بعد أعوام اعادة المرتدين الى صفوفها. ويرى مراقبون سودانيون أن كير كان يفضل حلاً عسكرياً للصراع يفضي الى انفصال كامل للجنوب عن الشمال، بدلاً من خوض مفاوضات مع الخرطوم لم يشارك فيها الا مرة واحدة عام 2002. لكن هذا الموقف اتخذ مع الوقت طابعاً غير واقعي وتسبب بأزمة مفتوحة مع جون قرنق. ووفقاً لمصادر داخل الحركة، فان كير كان ينوي مع قادته العسكريين في تشرين الأول أكتوبر الماضي عزل قرنق. لكن الأخير تصدى للأزمة عبر الدعوة الى اجتماع طارئ لقادة الحركة في نيو سايت جنوب. وعلى خلاف قرنق الموهوب وصاحب"الشخصية الساحرة"التي لفتت الأنظار، لم يغادر كير بلاده. ويعتبر الخبير في الشؤون السودانية مارك لافيرن أن"كير عسكري لا يجيد الكلام وغير مؤهل لتولي هذا المنصب"، لكن خبراء آخرين أبدوا تفاؤلهم. وقال ديبلوماسي عن سالفا كير" إنه رجل الأفعال وليس الكلام".