قد تخلف الأزمة الناشبة عن كشف تفاصيل العقد الروسي المبرم مع إيران لتزويدها صواريخ"تور- ام واحد"، آثاراً واسعة تتخطى عتبة السياسة الخارجية الى داخل الحكومة الروسية. فمبادرة المؤسسة العسكرية الى تزويد ايران 29 نظاماً صاروخياً متطوراً تمثل خطراً على جهود روسيا الديبلوماسية الساعية الى تفادي نقل الملف الايراني الى مجلس الامن. وهذا ا يبرر تحفظ المتحدث باسم الخارجية، ميخائيل كامينين، عن الصفقة. لذلك أعلن أن عقود موسكو العسكرية لا تخل بالتزامات موسكو منع انتشار أسلحة الدمار الشامل. وشدد على اقتصار الصفقة مع إيران على أسلحة دفاعية. ولا شك في أن الصفقة الروسية - الايرانية الضخمة فاجأت الولاياتالمتحدة. فالإعداد لها كان بالغ السرية. ويبدو أن الطرفين الروسي والايراني أخذا في الحسبان التجربة الروسية المرّة مع سورية. فيومها، اضطر الرئيس فلاديمير بوتين إلى الاستجابة الى ضغوط واشنطن وتل أبيب، وإلغاء صفقة تزويد دمشق صواريخ"الكسندر- ايه". وعلى رغم قول مساعد وزيرة الخارجية الاميركية، نيكولاس بيرنز، انه بحث مع المسؤولين الروس مسألة تزويد ايران بالسلاح الروسي، لم يعلم أصدقاؤنا في الضفة الثانية من المحيط الاطلسي بهذه الصفقة الجديدة. ويترتب، تالياً، على كشف تفاصيل العقد، موجة جديدة من التوتر في العلاقات بين موسكووواشنطن. والحق أن سعي ايران الى الحصول على انظمة دفاع جوية روسية أخرى متوسطة وبعيدة المدى من طراز"اس-300"، ليس خافياً ومن شأن حصولها على هذه الأنظمة تحصين الأجواء الإيرانية تحصيناً كاملاً. ولكن مصانع الاسلحة الروسية مشغولة بتلبية التزامات محلية، ما يعني عدم قدرتها على تلبية الطلب الايراني قريباً. ويزعزع ارسال كميات ضخمة من الاسلحة الثقيلة الى منطقة الشرق الأوسط التوازن العسكري بين دول في حال عداء مقيم. ولن تقبل واشنطن وتل ابيب احتمال بقاء ايران في منأى عن العقاب إذا أقدمت على خطوات عدوانية ضد جيرانها . وأعرب خبراء غربيون عن قلقهم من الصفقة مع ايران. وذهب بعضهم الى ان روسيا قدمت نفسها وسيط سلام بين الغرب وايران طوال سنوات، ثم عدلت فجأة عن موقفها. ولا شك في إفضاء هذه الصفقة الى تدهور العلاقات الروسية بواشنطن وتل ابيب. وهي تعزز مواقف الداعين الى إحالة الملف الإيراني الى مجلس الامن . وفي عام 2000، أبرمت روسيا اتفاقاً سرياً مع الولاياتالمتحدة تعهدت بموجبه وقف صادراتها العسكرية الى ايران مقابل مساعدة واشنطن لها في الوصول الى أسواق الأسلحة الدفاعية العالمية. ولكن موسكووواشنطن لم تفيا بتعهداتهما. فدخل الاتفاق المعروف ب"بروتوكول غور- تشيرنوميردين"طي النسيان. وصمت وزارة الدفاع الروسية ازاء الصفقة الجديدة، غريب. فثمة عاصفة سياسية تقترب بسرعة، وقد تشتد في الايام المقبلة. عن الكسندر باباكين، نيزافيسيمايا غازيتا الروسية، 5/12/2005