رداً على انتقادات أميركية لقرار روسيا بيع إيران أسلحة، أكدت موسكووطهران أمس أن تطوير العلاقات بينهما "ليس موجهاً ضد بلدان أخرى". وتوقع مراقبون استياء أميركياً من اطلاع الإيرانيين أمس على مصانع الصواريخ، وتأكيد المسؤولين الروس احتمال تزويد طهران منظومات صاروخية من نوع "س 300" و"تور" و"ادسا" إلى جانب تصنيع أقمار اصطناعية إيرانية واطلاقها. وكان الرئيس محمد خاتمي وقع في موسكو أول من أمس مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين معاهدة تتضمن مبادئ العلاقات الثنائية، وأكد بوتين نية بلاده تزويد إيران كميات من الأسلحة "الدفاعية". وأعرب ريتشارد باوتشر، الناطق باسم الخارجية الأميركية، عن قلق واشنطن من بيع الإيرانيين "تكنولوجيا حساسة" وطلب توضيح ما يقصد ب"الأسلحة الدفاعية". ورد وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف بأن تطوير العلاقات بين موسكووطهران "ليس موجهاً ضد بلدان أخرى"، مستغرباً أن يستأثر موضوع السلاح بالاهتمام فيما يهمل "المضمون السياسي وهو الأهم" في زيارة خاتمي العاصمة الروسية. وأشار ايفانوف إلى أنه بحث ونظيره الإيراني كمال خرازي في عدد من القضايا، واتفقا على "المساعدة في تحقيق الاستقرار" في أفغانستان، وتنسيق الجهود في آسيا الوسطى ومنطقة الخليج والقوقاز وبحر قزوين. وظل موضوع التعاون العسكري محوراً أساسياً، خصوصاً بعد اشارة نائب رئيس الوزراء الروسي ايليا كليبانوف إلى أن موسكو ستتخذ قريباً قراراً في شأن بيع إيران أسلحة دفاعية، بينها الشبكات الصاروخية "س 300" التي يعتبرها الخبراء الروس مماثلة ل"باتريوت". وزار الوفد العسكري المرافق لخاتمي مصانع "انتي" و"كوبل" حيث تنتج صواريخ أرض - جو من طراز "تور M1" و"ادسا" الموجودة حالياً لدى جيوش روسيا والصين واليونان، وتصنّف ضمن "الدفاعات غير الاستراتيجية" القادرة على تدمير رؤوس صاروخية أثناء توجهها نحو الهدف. وأفادت وكالة "ايتار - تاس" الحكومية أن "تور M1" يمكن أن يرصد 48 هدفاً في وقت واحد، ويحدد آلياً ترتيب اصابتها بحسب خطورة كل منها وقربه. وهو يحتاج بعد رصد الهدف على بعد أربعين كيلومتراً إلى أربع ثوان فقط لإصابته على بعد 12 كيلومتراً وارتفاع 6 كيلومترات. وقال خبير عسكري ل"الحياة" إن وجود مثل هذا السلاح لدى الإيرانيين "يجعلهم مطمئنين إلى أن ما حصل لبغداد لن يتكرر في طهران". ونوقشت أمس قضايا التعاون العسكري في اجتماع عقده وزيرا الدفاع الروسي ايغور سيرغييف والإيراني علي شمخاني، ولكن لم يوقع أي اتفاق، وينتظر استكمال المحادثات على هامش معرض أبوظبي للسلاح. وفي إطار زيارته لروسيا التي بدأها الاثنين، تفقد خاتمي أمس مجمع توجيه التحليق الفضائي في ضواحي موسكو، واطلع على سير تحليق المحطة "مير" التي سيجري اغراقها قريباً، وتساءل هل يمكنها أن ترصد أراضي الولاياتالمتحدة وتصورها، فأجابه الخبراء بالنفي. وذكر يوري كوبتيف. مدير وكالة الطيران والفضاء الروسية، أن لبلاده فرصاً كبيرة في كسب صفقة لصنع قمر إيراني للاتصالات واطلاقه وتوسيع التعاون في هذا المجال. وأشار إلى أن طهران ستنال ترخيصاً لتصنيع طائرات نقل من طراز "توبوليف 334"، لافتاً إلى مفاوضات تجري في شأن طائرة "توبوليف 204". وخلال زيارته سانت بطرسبورغ سيتفقد الرئيس الإيراني مصنع "ايغور" الذي ينتج المفاعل النووي لمحطة بوشهر الإيرانية. وألقى امس محاضرة في معهد العلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية الروسية، أشار فيها إلى ضرورة ارتكاز العلاقات الدولية وإلى "صيغة جديدة" تستند إلى حوار الحضارات وتنبذ "الطريقة البالية" في التفكير. وزاد أن من الأمثلة على ذلك الأساليب الفكرية القديمة في ما يجري في الشرق الأوسط "حيث التزم الغرب الصمت حيال طرد مليون فلسطيني من ديارهم بحجة أن اليهود تعرضوا للعنف في المانيا". وشدد خاتمي، الذي مُنح دكتوراه فخرية، على أن دعوته تستند إلى رفض "التفرقة العنصرية والعنف والحرب والصراع الطبقي". وأيد راعي الكنيسة الارثوذكسية خلال لقائه الرئيس الإيراني الدعوة إلى حوار الحضارات.