بدأت في الأوروغواي أمس الجمعة قمة رؤساء مجموعة"مركوسور"التي تضم البرازيلوالأرجنتين والباراغواي والأوروغواي، والتي ستقر بالإجماع انتساب فنزويلا لها كعضو خامس كامل العضوية. أما القرار الثاني المهم، الذي ستعتمده القمة، فهو إنشاء مجلس نواب"مركوسور"قبل نهاية عام 2006. ويمثل دخول فنزويلا الجزئي والذي لن يكتمل اقتصادياً على الفور، بانتظار مفاوضات تكميلية، وعداً كبيراً وفي الوقت نفسه، معضلة تتطلب معالجة، كما أنها ستشكل سابقة لدى انتساب أي عضو آخر. النواة الصلبة ويمكن القول من دون مبالغة، أن الأداء المشترك لأعضاء"مركوسور"مع فنزويلا في قمة مار ديل بلاتا منذ شهر، وكذلك القمة التي جمعت الرئيسين البرازيليوالأرجنتيني الأسبوع الماضي للاحتفال بالعيد ال 20 للتقارب بين كبيري المجموعة، قد أمّنا الشروط الضرورية لقفزة نوعية جديدة. وأراد الرئيسان بمناسبة القمة التي جمعتهما على حدود البلدين، تحريك العلاقة الثنائية التي تبقى قوة دفع المجموعة، شبيهة بالنواة الصلبة التي تمثلها فرنسا وألمانيا في البنيان الأوروبي، لا بل أكثر من ذلك بسبب وزنهما النسبي في تركيبة المجموعة. وقد تم التوقيع في هذه القمة على أكثر من 30 اتفاقاً في أكثر من عشر قطاعات، تمتد من التسهيلات لسكان المناطق الحدودية، مروراً بالصحة الحيوانية، وصولاً إلى النووي والفضائي. وقد عرفت"مركوسور"بعد تأسيسها عام 1994 زيادة لافتة في العلاقات التجارية بين البلدين، ما برحت أن استقرت ثم تدهورت مع تخفيض سعر العملة البرازيلية، ومن ثم الأزمة المالية التي عانت منها الأرجنتين. ثم عاودت العلاقة تطورها خلال السنوات الأخيرة، وقد تتخطى هذه السنة للمرة الأولى عتبة العشرة بلايين دولار، جاعلة من الأرجنتين ثاني شريك للبرازيل بعد الولاياتالمتحدة. وعلى رغم ذلك، أو بسببه، اعترض القطاع الصناعي الأرجنتيني أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة على ما اعتبره"غزوة برازيلية"لأسواقه، في قطاعات صناعة السيارات والنسيج، وما يسمى بپ"الخط الأبيض"، أي البرادات والأفران المنزلية، وحاول التصدي لها بالضغط على حكومته لاعتماد سياسة الكوتا. وشكل تصريح الرئيس البرازيلي لولا داسيلفا في القمة الأخيرة، بأن"البرازيل تتطلع إلى استعادة الأرجنتين كامل طاقتها الصناعية"، نوعاً من التطمين لرجال الأعمال الأرجنتينيين، الذين يخشون من أن تؤدي منطقة التجارة الحرة إلى تقسيم داخلي للعمل على حساب الصناعة الأرجنتينية. فرصة ومعضلة ويمثل انضمام فنزويلا إلى المجموعة بصفة عضو خامس كامل العضوية، فرصة جديدة لتحريك المجموعة الأميركية الجنوبية، التي ستمثل نحو 48 في المئة من مجموع انتاج أميركا اللاتينية. ففنزويلا بمساحتها وبسكانها، ستحتل مرتبة وسطى بين الكبيرين، أي البرازيلوالأرجنتين، والصغيرين، أي الباراغواي والأوروغواي. وسيؤدي انضمامها إلى تقوية الطابع التكاملي لاقتصاديات المجموعة، بسبب الاحتياط في مجال الطاقة التي تمثله، كما سيؤدي إلى تفعيل مشاريع دمج البنى التحتية. وتراهن الأرجنتين على دخول فنزويلا، ودلت زيارة رئيسها إلى فنزويلا على هذا الرهان، لأنها تساهم، إضافة إلى التعاون في مجال الطاقة، في شراء سندات الخزينة الأرجنتينية، ما يؤمن متنفساً للاقتصاد الأرجنتيني، الذي هو في أمس الحاجة إلى الاستثمارات لضمان استمرار نموه. إلا أن الانضمام يثير أيضاً عدداً من المشاكل التي تتطلب معالجة قد تكون نموذجية، وتنطبق في ما بعد على بقية دول القارة. ففنزويلا هي عضو في المجموعة الجمركية الأخرى،"مجموعة دول سلسلة جبال الأنديس"التي تضم، إضافة إليها، كولومبيا والإكوادور والبيرو وبوليفيا، وكلها دول تربطها علاقات شراكة مع"مجموعة مركوسور"، فيما تقف التشيلي على مسافة واحدة من المجموعتين. وقد تخرج فنزويلا من هذه المجموعة لدى انضمامها إلى"مركوسور"، وقد وجدت نفسها معزولة ضمن هذه المجموعة، بعدما عقد أعضاؤها اتفاقات ثنائية لإقامة منطقة تجارة حرة مع الولاياتالمتحدة، وآخرها البيرو في بداية هذا الأسبوع.