على رغم اختلاف ذائقة المشاهدين المصريين في متابعة وتقويم ما يذاع على القنوات الفضائية العربية هذه الأيام، إلا أنهم اتفقوا على خروج محطة"ميلودي"عن السياق وسقوطها في هاوية الانحدار منذ تدشينها فضائياً قبل نحو عامين على القمر الاصطناعي المصري نايل سات. المحطة التي ترقب المشاهد المصري بدء بثها بشغف بعدما علم ان نجل رجل الأعمال أشرف مروان - حفيد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر - من كريمته منى هو الذي يملكها، وحلم هذا المشاهد مثله مثل محبي الرئيس عبدالناصر، في أن تكون رسالتها الإعلامية امتداداً لأفكاره الثورية، سرعان ما صدمه واقع الحال اذ جاء ميلاد"ميلودي هيتس"الابن الأكبر للمحطة، مخيباً لآمالهم تبعاً لاعتماد القناة الوليدة - آنذاك - على عرض اغاني الفيديو كليب طوال فترة البث اليومي، وهي بالتالي ابتعدت في خريطتها"البرامجية"عن عرض أي برامج اجتماعية أو سياسية ترضي شغف المشاهدين، متبعة منذ بثها وحتى الآن، أسلوباً تجارياً بحتاً مع المطربين. واذا كان المطرب مغموراً، فإنه يدفع أموالاً من أجل ضمان إذاعة أغانيه عدداً كبيراً من المرات خلال اليوم الواحد، وهناك تسعيرة تقدر بنحو 10 آلاف جنيه مصري - أي ما يوازي 1500 دولار أميركي - لعرض الفيديو كليب 3 مرات يومياً خلال الشهر الواحد. وفي سبيل تحقيق الربح التجاري لم تقف ادارة المحطة أمام مضمون كلمات الاغاني الركيكة، أو حجم العُري، ومشاهد الاثارة التي تتضمنها الاغاني المصورة، وعبثاً حاول محبو الرئيس عبدالناصر التماس الأعذار لحفيده في الطريقة التي يدير بها"ميلودي"، وأن القناة الثانية"ميلودي آرابيا"تحتوي على مضمون إعلامي مغاير لشقيقتها"ميلودي هتس"، لكنّ الفاجعة كانت كبرى، إذ خرجت القناة الثانية للنور وكأنها توأم للأولى ولم يختلف مضمونها الإعلامي بل انحدر الى الأسوأ بلجوئها الى حيلة أخرى لجلب مزيد من المال لإدارة المحطة، من خلال اسلوب"الشات"او الدردشة الذي ابتدعته القناة مع مشاهديها، وأيضاً من خلال ابتكار ما يسمى بخدمة التوافق بين المحبين حيث تطلب من كل شاب أو فتاة مقبلين على علاقة حُب ان يرسلا تاريخ ميلادهما عبر المحمول ليتعرفا على مدى التوافق بينهما، ما أثار استياء كثير من الآباء فانبرى بعضهم بتحذير ابنائهم من الانسياق وراء تلك الأفكار التي تستنزف أموالهم، وكذلك عدم مشاهدة قنوات تلك المحطة التي تبث كليبات تثير الغرائز. يقول في هذا الصدد أحمد محمود 54 سنة مدير مدرسة ثانوي في القاهرة:"استفزتني كثيراً رغبة ابني الأكبر طارق 18 سنة في شراء بطاقة شحن جديدة لهاتفه النقال على رغم كون فترة صلاحية خدمة البطاقة القديمة لا تزال قائمة لنحو 55 يوماً، وعلمت من شقيقه الأصغر سعيد 14 سنة ان شقيقه يظل لساعات يتابع قنوات"ميلودي"ويرسلSMS لأصدقائه. من هنا قررت أن أتابع لأيام عدة تلك المحطة لمعرفة ماذا تعرض على شاشاتها، فوجدت أنها تبث كليبات كثيرة لمطربين مغمورين، تحتوي على مشاهد مبتذلة من دون مراعاة لعاداتنا الشرقية. فنصحت ابنائي بعدم مشاهدة تلك القناة وقمت بحذفها على الفور من قائمة قنوات"الريسيفير"الخاص بي". وهو ايضاً ما قامت به عزة عبد الحميد ربة منزل بعدما لفت انتباهها حرص ابنتيها مريم 19 سنة، وميادة 17 سنة، على الجلوس ساعات لمشاهدة ما تبثه المحطة من أغنيات. وعلى عكس جيل الآباء يرى شبان كثر ان"ميلودي"محطة"رِوْشَة"تتيح لهم متابعة أحدث الكليبات وفق رؤية مبدعيها ومن دون تدخل رقابي، كما تتيح لهم التواصل مع اصدقائهم عبر رسائل SMS في مختلف دول العالم، وإقامة صداقات جديدة مع مَنْ يرغبون في أي وقت. ويقول نادر فؤاد 22 سنة طالب في كلية التجارة:"لا أجد سبباً لانزعاج الآباء من القنوات الغنائية وخصوصاً"ميلودي"، فما نشاهده عليها من مشاهد مبتذلة لا يذكر مقارنة بما يذاع في القنوات الأوروبية، وخصوصاً التركية والالمانية".