"الإعلام الخليجي مرعب، يكتسح القنوات العربية ويدخل إلى بيوت العرب كافة، أبوا أم شاؤوا، فالأعمال الخليجية باتت تعرض حتى في القنوات الإعلامية المحلية للدول العربية..."، هذا ما قاله ل"الحياة" الممثل السعودي عبد المحسن النمر، في استطلاع تساءل فيه الفنانون الخليجيون عن سبب تجاهل جائزة "موريكس" لهم. في تلك الفترة، لم تكن أي من القنوات الخليجية: "نجوم" و"ميوزيك بلاس" و"الخليجية"، قد بدأت بثها بعد. وكان مطلع العام الجاري بمثابة إعلان لظهور تلك القنوات التلفزيونية، إضافة إلى قناة ETV وstrike، كي تنضم إلى أكثر من 8 قنوات متخصصة في عرض أغاني الفيديو كليب على القمرين العربيين "نايل سات" و"عربسات". وإذا كانت قناة "روتانا" تشترك مع "نجوم" و"ميوزيك بلاس" و"الخليجية"، في كونها ممولة برأس مال خليجي، فإنها لم تتبن مفهوم تلك القنوات في تكريس الأغنية الخليجية على حساب الأغاني العربية الأخرى. ولعل العدد الكبير، من المغنين والمغنيات الخليجيين، الذي بدأ في التدفق إلى سوق الأغنية العربية في السنتين الأخيرتين دعا إلى تدشين مثل تلك القنوات، كي تعطيهم مساحة أكبر في الانتشار بعيداً من المنافسة مع أسماء عربية معروفة في الساحة الغنائية. وكان مسؤول قناة "نجوم" في مصر رفعت أحمد أشار إلى ذلك في قوله أن "نجوم ستعتمد على شركة المنتج الإماراتي سهيل العبدول - مالك القناة - التي تمتلك عقود احتكار مع أكثر من عشرة مطربين خليجيين، إضافة إلى مطربين لبنانيين - فقط هما ميريللا عازار وجهاد نخله". كما أكد رفعت أن القناة "ستقدم نجوماً خليجيين جدداً إلى الساحة الغنائية". سهيل العبدول، زوج المطربة اللبنانية ديانا حداد، لم يغامر في بث قناته "نجوم"، وكذلك ممولو القناتين الخليجيتين الأخريين، "ميوزيك بلاس" و"الخليجية"، إذ أن لغة الفيديو الكليب سيطرت على مشاهدين كثر. ولعل هدف تكريس الكليبات الخليجية، ولو على حساب القيمة الفنية والجودة، أوجد مكاناً لبعض الفنانين الخليجيين الشباب من مخرجين ومطربين كي يقدموا كليباتهم على رغم أن المشاهد البسيط قد يكتشف أن معظم أولئك الشباب من الهواة، على صعيدي الإخراج والغناء، ولا يملكون ما يخسرون، ما دفع الكثير إلى هوس التواجد في مجال صار مكاناً لكل من يرغب في المحاولة. اللافت في الأمر أن أغنيات "الفواكه" اجتاحت قنوات الكليب الخليجية الثلاث، خصوصاً قناة "نجوم"، ونالت هذه الأغاني حصة الأسد في العرض، بعد النجاح الذي لاقته أغنية البرتقالة للمطرب العراقي علاء سعد، على مستوى المتفرجين الخليجيين من الرجال وذلك ما بدا في كم الرسائل التي تطلب عرض الأغنية على مدار الساعة. "الرمانة"، "اليوسف أفندي"، "البرتقالة" - أغنية أخرى غير برتقالة علاء سعد، لعلي البغدادي - كلها أسماء لأغان تتربع كليباتها على لائحة العرض. وما المانع أن تحضر كل الفواكه في الغناء وأن تكون هناك أغنيتان عن البرتقالة طالما أن الأولى لاقت نجاحاً مبهراً ومفاجئاً في الوقت نفسه، ليس على صعيد الجماهير فقط بل حتى على صعيد الإعلاميين الخليجيين الذين لم يبخلوا في الكتابة عنها في الصحف. البعض تساءل عن السبب الذي منع من كتب عن البرتقالة، تناول المفردة من جانب تعبيرها عن فولكلور عراقي عريق، في حين غاب عن مخرجي كليبات تلك الأغاني ذلك التعبير. وجعلوا من هذه الكليبات مكاناً لرقص عشوائي يمس شريحة معينة من المجتمع الخليجي، من دون أن تكون هناك إشارة إلى ابتكار أو إبداع. كل الكليبات تتشابه، مجموعة من الفتيات ممن يملكن شعور رأس طويلة، يرقصن الرقصات الخليجية، فيما تبرز بينهن واحدة ترتدي زياً بلون الفاكهة التي تحمل الأغنية اسمها. على أي حال، لمَ تمانع القنوات الخليجية الجديدة في إعطاء النصيب الأكبر إلى أغاني الفواكه، طالما أن نسبة مرسلي رسائل الدردشة المباشرة على الهواء، والمهووسين بتلك الأغاني سترتفع، إذ أن تلك الخدمة قد تشكل دخلاً جيداً لهذه القنوات يوماً ما، إن لم تكن كذلك الآن؟