رحلت السلطات الاسبانية نحو مئة مهاجر سري افريقي الى المغرب من جيب مليلية الذي تسيطر عليه شمال البلاد، فيما أفادت تقارير ميدانية ان أعداد المهاجرين من أصول أفريقية الموجودين في المغرب تزيد على 30 ألفا. وقالت أوساط ديبلوماسية انها المرة الأولى التي بدأت فيها الدول المصدرة للهجرة حواراً مع السلطات المغربية من اجل ترحيل المهاجرين، ما يرجح استخدام الطائرات بدل الشاحنات التي تعبر الى النقاط التي تسلل منها المهاجرون. غير ان الأحداث ارتدت ابعاداً انسانية خطرة في ضوء تعرض مهاجرين يتحدرون من أصول افريقية الى ترحيل مزدوج من المغرب ومن الجزائر على حد سواء، ما جعلهم ينتشرون على الشريط الحدودي بين البلدين الجارين، وهم يعانون الجوع والعطش وانعدام الرعاية. وانتقلت ضغوط المهاجرين الافارقة من مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين شمال المغرب الى المناطق الحدودية الشرقية مع الجزائر على امتداد شريط بآلاف الكيلومترات الى الجنوب. وعزا مراقبون هذا الانتقال الى الظروف المأسوية المحيطة بعودة المهاجرين المرحلين الى بلدانهم، خصوصاً ان السلطات المغربية رحلت اعداداً كبيرة من المهاجرين المعتقلين على خلفية محاولات اقتحام السياجات الأمنية الى المناطق التي تسللوا منها على الحدود الشرقية مع الجزائر. وشوهدت أفواج المهاجرين النازحين يقطعون المسافات على أرجلهم في أوضاع مأسوية تعرض حياتهم الى المخاطر، بينما ارتفعت أصوات داخل اسبانيا تطالب حكومة مدريد بالعودة عن قرار ترحيل المهاجرين الافارقة، وصدرت اتهامات من تنظيمات انسانية مثل"أطباء بلا حدود"تعيب على الحكومتين الاسبانية والمغربية ترحيل المهاجرين. في حين أفاد شهود عيان في مدينة طنجة شمال المغرب التي استقبلت الفوج الأول من المهاجرين المرحلين ان الحافلات التي كانت تقلهم تعرضت الى الاتلاف وتكسير النوافذ والعبث بالكراسي احتجاجاً على ترحيلهم. ويبدأ وزير خارجية اسبانيا انغيل انخيل موراتينوس مطلع الأسبوع الجاري زيارة رسمية للمغرب يبحث فيها مع المسؤولين المغاربة في ترتيبات التنسيق في محاربة الهجرة غير الشرعية، في ضوء تزايد الانتقادات ضد موقف بلاده. كما يزور المغرب وفد تقني من المفوضية الأوروبية لدرس حاجاته في المساعدة في ترحيل المهاجرين والأعباء المالية المتزايدة التي تكلفها محاربة الهجرة غير المشروعة. في غضون ذلك، خفت الضغوط على مدينة مليلية المحتلة من طرف المهاجرين الأفارقة الذين كانوا يحاولون اقتحام السياجات الأمنية التي عرفت تحركات محدودة أدت الى احباط المحاولات قبل وقوعها. وزاد في تدني حظوظ العبور اقامة السلطات المغربية حواجز رملية ذات اتساع كبير عزتها الى ضمان تحركات السيارات العسكرية. وشوهدت طائرات مغربية عسكرية تواصل طلعاتها ليلاً وعند الساعات الاولى للفجر على امتداد الغابات المحيطة بمليلية، ما مكن من اعتقال أكثر من مئة مهاجر سيُشرع في ترحيلهم قريباً. وفي مليلية اف ب، غادر نحو مئة من المهاجرين الافارقة على متن طائرتين اتجهتا بهم الى ملقة جنوباسبانيا تمهيدا لترحيلهم الى المغرب . وأفيد ان المهاجرين كانوا مقيدي الايدي ورافقهم نحو 50 رجل شرطة اسبانياً حتى دخول الطائرتين اللتين استأجرتهما الحكومة الاسبانية. ووصل المهاجرون الى المطار في عشر عربات للشرطة ولم يبدوا اي مقاومة. وذكر رجل شرطة في المكان انهم مهاجرون افارقة معظمهم من رعايا مالي تمكنوا من دخول مليلية خلال هجمات الاثنين والاربعاء. وقد اقتيدوا الى المطار مباشرة من مديرية الشرطة التي وصلوا اليها صباحا لتسلم اوراق هويتهم من السلطات الاسبانية. وكان تم ترحيل مجموعة اولى من 73 مهاجراً افريقياً من مليلية مساء الخميس الى المغرب بموجب اتفاق وقعته اسبانيا والمغرب العام 1992 الا انه لم يطبق عمليا من قبل. ويتكدس حاليا نحو الف مهاجر من بلدان افريقيا جنوب الصحراء في مركز استقبال موقت في مليلية بعد ان نجحوا في عبور الحاجز المعدني المزدوج الذي يفصل الجيب الاسباني عن شمال المغرب.