اعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق امس نجاح مسودة الدستور التي طرحت على الاستفتاء في 15 الشهر الحالي بنسبة 78.40في المئة على الصعيد الوطني بعدما حسمت محافظة نينوى الموقف اذ صوت 44.92 في المئة بنعم مقابل 55.08 في المئة رفضوها بعدما رفضت المسودة محافظتا صلاح الدين بنسبة 81.75 في المئة والانبار بنسبة 96.95 في المئة. وكشفت نتائج الاستفتاء على مسودة الدستور استقطاباً حاداً داخل مكونات المجتمع بحيث كان التفاوت شاسعاً، سلباً او ايجابا، بين محافظة واخرى طبقا لانتماءاتها المذهبية او الاتنية، ما دفع بعض المحللين الى التخوف من المرحلة المقبلة. يذكر ان مسودة الدستور تسقط في حال رفضتها ثلاث محافظات بغالبية ثلثي الاصوات. واكد الناطق باسم المفوضية العليا للانتخابات فريد ايار ان الناخبين المسجلين في محافظة نينوى صوتوا بنسبة 44.92 في المئة بلا على مسودة الدستور فيما صوت 55.08 في المئة من الناخبين بنعم ما يعني فشل المحافظة في تحقيق النسبة المطلوبة لرفض الدستور والبالغة 66 في المئة من عدد الناخبين. وأوضح ان عدد الناخبين المسجلين في نينوى بلغ مليون و343 الفاً و381 شخصاً شارك منهم 718 ألفا و758 ناخباً وكانت نسبة المقترعين الذين قالوا نعم 322 ألفا و869 مقابل 395 ألفا و889 شخصا صوتوا ب"لا"ما يعني ان الفرق بين الذين صوتوا ب"نعم"والذين صوتوا ب"لا"بلغ 11 في المئة، ما يعني ان المحافظة كانت بحاجة الى 88 ألف صوت اضافي لتغيير النتيجة. واشار ايار الى ان حساسية النتائج التي مثلتها محافظة نينوى دفعت المراقبين العراقيين والدوليين الذين ارسلتهم المفوضية الى هناك للتدقيق في صناديق الاقتراع لثلاثة ايام متتالية، للتأكد من عدم وجود خروقات في عملية الاستفتاء". ولفت الى تقديم 12 شكوى الى المفوضية من جانب وكلاء الكيانات السياسية الموجودين في مراكز الاقتراع في المحافظة تتعلق كلها بإجراءات سير العملية ولا علاقة لها بنتائج الاستفتاء. وأوضح ان هذه الشكاوى تطرقت الى سوء توزيع مراكز الاقتراع وتدخل القوات المسلحة في عمل موظفي المفوضية في بعض المراكز وتعرض بعض الناخبين للضرب وعدم توفير الحماية الكافية لبعض المراكز وغيرها. واكد ايار ان"هذه النتائج نهائية لأول استفتاء دستوري يجري في العراق منذ امد طويل". واعرب عن الامل بأن يؤدي ذلك الى"قيام دولة مؤسسات وقانون صارم بعيدا عن الاهواء الفردية ما يمنع وللمرة الاخيرة بروز نزعات تفرد في الحكم وقيادة العراق نحو الهاوية كما جرى في العقود الاخيرة". واشار الى ان"الهدف من الاستفتاء وضع العراق على سكة الديموقراطية الحقيقية لبناء مجتمع حضاري تتطابق مواصفاته مع ما هو موجود في العالم". ورأى ايار ان"مجرد ممارسة الاستفتاء حق انتخابي يعتبر توجها نحو استعمال العقل والمنطق وليس استعمال السلاح والعنف". إلى ذلك سارعت كتلتا"الائتلاف العراقي الموحد"و"التحالف الكردستاني"الى الترحيب بنتائج اقرار الدستور العراقي ووصفتا المناسبة بأنها"يوم تاريخي ونصر كبير على الإرهاب والقوى التي تسانده"، فيما اتهم"مجلس الحوار الوطني"البيشمركة الكردية والأجهزة الأمنية العراقية بالاستيلاء على صناديق الاقتراع في محافظة نينوى وتغيير نتائج الاستفتاء هناك. وقال عضو كتلة"الائتلاف العراقي الموحد"سامي العسكري ل"الحياة"ان"النتائج التي أعلنتها المفوضية وضعت حدا للتكهنات التي أشارت الى امكان رفض الدستور"ولفت الى ان"إقرار الدستور يعني نجاح العملية السياسية وتقدمها خطوة نحو الأمام وهو نهاية لمرحلة الدساتير الانتقالية". ووصف هذا اليوم ب"التاريخي"مشيراً الى ان شوارع المدن العراقية ستشهد مظاهر فرح كبيرة بهذا الإنجاز. وأكد ان الخطوة التالية هي"التفكير جدياً بجدولة انسحاب القوات المحتلة من العراق". وعد عضو كتلة التحالف الكردستاني كمال محي الدين اقرار الدستور ب"النصر الكبير على الإرهاب والقوى التي تسانده"، وأشار في حديثه مع"الحياة"الى ان نسب المشاركة الكبيرة في عملية الاستفتاء في بعض المحافظات كالأنبار وصلاح الدين"كانت بمثابة المعجزة"ولفت الى ان اقرار الدستور سينعكس لا محالة على السياستين الداخلية والخارجية للعراق وأكد ان"على العراق ان يفكر بمصالحه اولاً"، وانه العراق سينتهج سياسة المثل مع الأشقاء والأصدقاء"فلسنا تابعين لأحد ولسنا اتكاليين". واتهم صالح المطلك الناطق باسم"مجلس الحوار الوطني"قوات البيشمركة والأجهزة الأمنية العراقية بالاستيلاء على صناديق الاقتراع في محافظة نينوى والتلاعب بنتائج الاستفتاء، وأكد ل"الحياة"ان الدستور ساقط فعلياً في ثلاث محافظات من الناحية الفنية والقانونية، وأوضح ان النتائج التي أعلنتها المفوضية الخاصة بمحافظة نينوى لا تمثل النتائج الحقيقية، مشيراً الى ان فرق المفوضية ذهبت الى هناك لتغيير النتائج بعد ان قامت عناصر من البيشمركة والأجهزة الأمنية العراقية بالسيطرة على صناديق الاقتراع هناك ومنع المراقبين من إعلان النتائج. ولفت الى ان الخوف من الانتقام هو الذي منع بعض المراقبين من تقديم طعونات، وأشار الى ان فرق الأممالمتحدة لم تسجل هذه الخروقات كونها"رهينة للولايات المتحدة في العراق"، وهي"تابع لا حول لها و لا قوة". إلى ذلك اعلن مجلس الحوار الوطني في محافظة نينوى عقد مؤتمر موسع لاهالي المدينة والاعلام اليوم الاربعاء لكشف ملابسات"تزوير نتائج الاستفتاء على الدستور"بحسب ناطق باسم المجلس. واكد زعيم رابطة الشبك في العراق محمد حسن ان طائفة الشبك في نينوى صوتت ضد الدستور كما فعلت كل الطوائف والاحزاب في المدينة، متهماً المفوضية العليا للانتخابات بتزوير النتائج. كما اتهم رئيس حركة التركمان في الموصل محمد جار الله ل"الحياة"المفوضية بتزوير النتائج. في غضون ذلك لفت رئيس مركز دراسات العدالة الانتقالية المحامي محمد الشيخلي ان الموقف القانوني لمسودة الدستور في ضوء النتائج الاخيرة يشير إلى رفض المسودة بتحقيقها ثلثي محافظات، بجمع النسب التي تحققت في محافظات هي الانبار وصلاح الدين ونينوى بالاضافة إلى نتيجة محافظة ديالى. واشار الشيخلي ان نص قانون ادارة الدولة يؤكد ان المطلوب لاسقاط الدستور ثلثي ثلاث محافظات، وهذا يعني جمع نسبة المحافظات الثلاث وضربها في الرقم 3 لتحقيق النسبة المطلوبة. لكن مفوضية الانتخابات فسرت هذه النقطة بأن المطلوب هو ثلثي كل محافظة من المحافظات الثلاث على رغم عدم وجود نص في قانون ادارة الدولة يشير إلى هذا التفسير.