اغلق العراق حدوده أمس الجمعة وعزل نفسه عن العالم الخارجي استعدادا للاستفتاء الذي يجري اليوم السبت على الدستور الجديد وسط اجراءات أمنية مشددة وتهديدات المقاتلين بشن المزيد من الهجمات على الحكومة العراقية التي تدعمها الولاياتالمتحدة. ووضعت المتاريس حول مراكز الاقتراع في العاصمة بغداد وكبرى المدن العراقية الاخرى قبل استفتاء الغد وحرصت الاسر العراقية على تخزين المؤن قبل أربعة أيام من الاغلاق لاحباط محاولات المتمردين لعرقلة الاستفتاء على الدستور وبدء عطلة رسمية الغرض منها ابقاء الناس في منازلهم. وأعلن باقر صولاغ جبر وزير الداخلية اجراءات أمنية مشددة امس الأول الخميس مع بدء اقتراع مبكر في المستشفيات والسجون وقال ان الحدود ستغلق اعتبارا من منتصف الليل (2100 بتوقيت غرينتش). كما بدأ حظر تجول ليلي صارم أمس الأول الخميس وتم حظر سير السيارات الخاصة اعتبارا من مساء الجمعة وحتى صباح الاحد. والاستفتاء على الدستور هو خطوة هامة في خطة واشنطن لاعادة الاستقرار والديمقراطية الى العراق وسحب قواتها وقوامها نحو 140 الفا من مهمة لا تلقى تأييدا من الامريكيين. وتعهدت الحكومة العراقية وقادة القوات الامريكية بان يمضي استفتاء الغد قدما وان قال البعض ان وقوع هجمات جديدة محتمل مع حرص المسلحين على اشاعة عدم الاستقرار في البلاد. وحقق المفاوضون الساعون الى كسب تأييد الاقلية السنية نجاحا هذا الاسبوع حين ايدت جماعتان سنيتان بارزتان على الاقل الاتفاق الذي تم التوصل اليه بشأن الدستور والذي ينص على اجراء جولة جديدة من المفاوضات بغية التوصل الى توافق على تعديلات دستورية العام القادم مقابل تأييد الدستور الحالي والالتزام بالجدول الزمني الذي وضعه العام الماضي مسؤولون أمريكيون مهتمون بايجاد مخرج للقوات الامريكية من البلاد. لكن ظل زعماء آخرون من السنة على موقفهم المعارض. وامس الأول الخميس وبعيدا عن النزاع المسلح نجح اتفاق تم بوساطة أمريكية للتغلب على المعارضة السياسية السنية على الاقل في شق معسكر الرافضين بالحصول على تأييد البعض للدستور مقابل تعهدات ببحث ادخال تعديلات بعد الاستفتاء. ومن المرجح ان يضمن الشيعة والاكراد الذين يمثلون نحو ثلاثة أرباع عدد الناخبين البالغ 15 مليونا تحقيق الاغلبية المطلوبة لاقرار الدستور ولكن مجرد تصويت ثلثي الناخبين في ثلاث فقط من محافظات العراق الثماني عشرة بالرفض سيعني سقوط الدستور. وفيما يلي مواقف الحركات السياسية الرئيسية في العراق من الوثيقة المقترحة.. -الائتلاف الحاكم.. الشيعة.. ..حزب الدعوة الاسلامية- لعب الحزب الذي يتزعمه رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري دورا رئيسيا في صياغة الدستور المقترح. ودعا الجعفري الى بذل قصارى الجهد لضمان اقرار الدستور. ..المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق- يعتبره كثيرون القوة الرئيسية وراء الائتلاف الإسلامي الشيعي. وقال زعيم المجلس عبد العزيز الحكيم لأنصاره إن التصويت لصالح الدستور «واجب شرعي». وينفي المجلس الذي كان قد شكل في الخارج لمعارضة صدام حسين أنه يتلقى ارشادات من طهران أو أنه يغض الطرف عن فرق الموت التي أنشأتها ميليشيات شيعية. ..المؤتمر الوطني العراقي- يتزعمه العلماني أحمد الجلبي الذي كان مقربا من الولاياتالمتحدة أثناء وجوده في الخارج معارضا لصدام حسين ثم غضبت عليه واشنطن بعد غزو العراق في 2003. ويشرف الجلبي على صناعة النفط بصفة عامة وقد أيد مواد الدستور التي تنص على اقامة اتحاد فيدرالي وهو ما يخشى السنة أن يحرمهم الاستفادة من عوائد النفط من المناطق الشيعية والكردية الغنية به. الأكراد.. ..الاتحاد الوطني الكردستاني- عمل زعيمه الرئيس جلال الطالباني جاهدا على التخفيف من مخاوف العراقيين العلمانيين والسنة من أن يفضي الدستور الى إقامة دولة اسلامية شيعية على غرار ايران. وهو يدعو للدستور قائلا إنه على عيوبه يشكل بصفة عامة ضمانة لحكم ديمقراطي اتحادي تعددي. ..الحزب الديمقراطي الكردستاني- يرأس زعيمه مسعود البرزاني حكومة إقليم كردستان ويتخذ موقفا متشددا نسبيا فيما يتعلق بتأييد الدستور كضمان للحكم الذاتي الكردي بعد عقود من القمع في عهد صدام. المعارضة في البرلمان.. الشيعة.. ..حزب الوفاق الوطني- هو حزب رئيس الحكومة المؤقتة السابقة إياد علاوي. ومثل الجلبي الذي تربطه به قرابة بعيدة فإن علاوي شيعي علماني يعتقد على نطاق واسع أن له طموحات سياسية كبيرة. وقد أكد ضرورة وحدة العراق ومد يده إلى كل من السنة والزعماء الدينيين الشيعة لتعزيز ما يتمتع به من تأييد شعبي. وأيد علاوي الاستفتاء قائلا إن الدستور ليس قرآنا وإنه قابل للتعديل. المعارضة السنية.. ..الحوار الوطني العراقي- ائتلاف من أحزاب سياسية سنية قاطع كثير منها الانتخابات في يناير كانون الثاني. ويخشى الزعماء السنة أن يؤدي الدستور الى تقسيم العراق وإعطاء الشيعة والأكراد نصيبا غير عادل من السلطة والموارد البترولية. لكنهم أخفقوا في الاتفاق على كيفية معارضته إذ دعا البعض إلى مقاطعة الاستفتاء لحرمانه من الشرعية بينما يرى البعض الآخر إن التصويت ضد الدستور هو السبيل لهزيمة المشروع. ..الحزب الاسلامي العراقي- هو الجماعة السياسية السنية الوحيدة التي شاركت في العملية السياسية قبل الانسحاب منها قبيل انتخابات يناير كانون الثاني. ويقول الحزب إن الدستور المقترح لا يعزز الوحدة الوطنية أو يضمن حقوق جميع العراقيين. ..هيئة علماء المسلمين- تجمع لعلماء سنة يتمتع بنفوذ قوي لدى كثير من السنة وخاصة في محافظة الانبار الغربية معقل المسلحين. ويعتقد زعماء في الجماعة أن مسودة الدستور تهدد وحدة العراق وستضعف هويته العربية. ..حزب «عراقيون»- حزب علماني يتزعمه غازي الياور نائب الرئيس وهو أبرز الساسة السنة. وعبر الياور الذي اختارته الولاياتالمتحدة رئيسا في عهد الحكومة المؤقتة السابقة في 2004 عن شكوك إزاء الدستور الذي وصفه بأنه خطة شيعية كردية بعيدة عن أن تحقق طموحات جميع أبناء الشعب العراقي. واشار الى احتمال أن يحث أنصاره على التصويت ضد الدستور وإن لم يفعل هذا بعد. أصوات أخرى.. ..آية الله العظمى علي السيستاني- أكثر رجال الدين الشيعة توقيرا ويتخذ من النجف مقرا له. وأقر السيستاني تشكيل الائتلاف العراقي الموحد الذي حقق افضل نتيجة في انتخابات يناير/ كانون الثاني. وتعتبر واشنطن تأييده حاسما في خططها لتحقيق تقدم في العملية السياسية في العراق. ويندر أن يدلي السيستاني بتصريحات سياسية إلا أن مساعدين له قالوا إنه يؤيد الدستور وانتشرت هذه الرسالة عبر المساجد. ..مقتدى الصدر- قاتل أنصار هذا الزعيم الشيعي القوات الامريكية والبريطانية مرتين في الأشهر الاثني عشر الاخيرة. ومايزال الصدر مناوئا قويا للتدخل الاجنبي في شؤون العراق. وتشير الدلائل الاولية الى أن الصدر سيعارض الدستور باعتباره تدخلا خارجيا. وفي اغسطس/ آب الماضي شارك 100 ألف من انصاره في مظاهرات مناوئة للدستور في مختلف انحاء العراق. ولكن في الأسابيع الأخيرة بدا أن موقف الصدر تغير ويقول محللون سياسيون انه يبدو مستبعدا أن يدعو صراحة الى رفض الدستور. معارضون يرفضون العملية بأسرها ..الموالون لصدام حسين- يقود مسؤولون سابقون في مخابرات صدام حسين مجموعات تقوم بعمليات تفجير واطلاق للنار واغتيالات في مختلف أنحاء البلاد بهدف اسقاط الحكومة التي تدعمها الولاياتالمتحدة. ويرفض هؤلاء العملية السياسية بأسرها باعتبارها عملية اصطنعها الامريكيون. ..تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين- من أكثر الجماعات المسلحة السنية إثارة للخوف في العراق وهو مرتبط بتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن. وأصدر زعماء القاعدة بيانات أدانوا فيها الدستور ووصفوه بأنه يتنافى مع الإسلام وحذروا من أنهم سيهاجمون مراكز الاقتراع يوم الاستفتاء. ٭ من جانب آخر، أعلن حسين الهنداوي رئيس المفوضية العليا للانتخابات في العراق أن مراكز الاقتراع أصبحت جاهزة لاستقبال أكثر من خمسة عشر مليون عراقي من المتوقع أن يشاركوا في عملية الاقتراع على مسودة الدستور اليوم. وأضاف هنداوي في تصريحات له أمس ان سجل الناخبين موجود وتم اعداده بشكل حديث تم ادخال كافة مواليد 87 في هذا السجل واضافة كل من أراد أن نضيف اسمه. هناك العدد الآن بالضبط خمسة عشر مليونا وخمسمئة وخمسون الفا وسبعة وتسعون ناخبا عراقيا في كل أنحاء العراق. ٭ إلى ذلك، اكدت وزارة الخارجية الأميركية ليل الخميس الجمعة ان الاستعدادات الجارية للاستفتاء على مسودة الدستور العراقي «جيدة جدا» مشيرة الى ان مستوى العنف في البلاد اقل مما كان عليه في الانتخابات السابقة. ولم يذكر مساعد المتحدث باسم الوزارة ادم ايريلي اي تفاصيل لدعم تصريحاته حول تراجع العنف مكتفيا بالقول ان هذا التقييم جاء من «مسؤولين اميركيين يتابعون الوضع» في العراق. وقال «سمعت معلومات تمت مناقشتها تفيد ان الهجمات على المشاركين والعناصر المرتبطين بالانتخابات ليست كبيرة بالمقارنة مع فترات انتخابية سابقة». الا ان تقريرا فصليا لوزارة الدفاع نشر الخميس شكك في هذه المعلومات. وقال التقرير انه في 16 ايلول/سبتمبر، بلغ متوسط عدد الهجمات في العراق 600 اسبوعيا بينما كان عدد الهجمات قبل الانتخابات التشريعية العراقية في كانون الثاني/يناير الماضي 500 اسبوعيا. واعلن المسؤولون العسكريون الأميركيون انفسهم انهم لم يلاحظوا تراجعا في نشاطات المتمردين خلال الاسابيع الاربعة او الخمسة الماضية.