أعرب المغرب عن استعداده للحوار مع الأطراف المعنية بنزاع الصحراء في نطاق البحث في الحل السياسي القائم على منح الاقليم حكماً ذاتياً موسعاً. وجاء ذلك في أعقاب المحادثات التي أجراها العاهل المغربي الملك محمد السادس مع الوسيط الدولي في النزاع الديبلوماسي الهولندي بيتر فان فالسوم الذي بدأ أول جولة استكشافية للمنطقة. وقال وزير الإعلام المغربي الناطق باسم الحكومة السيد نبيل بن عبدالله إن دولاً كبرى، خصوصاً الولاياتالمتحدة وفرنسا واسبانيا، ترى أن هناك ما يدعو الى"تطوير حوار مباشر بين الجزائر والمغرب بوصفهما الطرفين المباشرين في قضية الصحراء". ويسود اعتقاد أن الوسيط الدولي لا يحمل في زيارته التي تشمل المغرب والجزائر وموريتانيا، أي اقتراحات جديدة. ولكنه ينطلق من درس الخلافات القائمة حول خطة جيمس بيكر الثانية التي رفضها المغرب ووافقت عليها الجزائر وجبهة"بوليساريو"، في مقابل الخطة الأولى التي قبلها المغرب ورفضتها الجزائر و"بوليساريو". وقال مسؤول مغربي بارز ل"الحياة"إن بلاده ترغب في قيام حوار شامل مع الجزائر في نطاق الأممالمتحدة يستند الى القرار الأخير لمجلس الأمن الذي دعا الى ايجاد تسوية سياسية للنزاع بعد وصوله الى المأزق الحالي. وأوضح أن البحث في خطة بيكر الثانية التي تجمع بين الحكم الذاتي والاستفتاء لم يعد وارداً. ورأى أن رفض الجزائر الدخول في مفاوضات مع المغرب بهذا الصدد"لم يعد مقنعاً طالما أنها كانت وراء خطة تقسيم الاقليم التي دعت الى الحفاظ على حدود مع الجزائر من ناحية الشرق ومنفذ على المحيط الأطلسي من ناحية الغرب"، مؤكداً أن عواصم أوروبية وواشنطن دخلت على خط تشجيع الحوار بين المغرب والجزائر. على صعيد آخر، يواصل المغرب، بتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، ترحيل المهاجرين الافارقة عبر اقامة جسر جوي من وجدةالشرقية على الحدود مع الجزائر الى بلدانهم الأصلية. إذ تجاوز عدد المرحلين 1600 مهاجر. في حين أعدت السلطات المغربية مطار كولمين التي تعرف أنها"بوابة الصحراء"لترحيل مهاجرين آخرين يقيمون في المحافظات الصحراوية على أمل اغتنام الفرص للتسلل الى الجزر الخالدات بمحاذاة الساحل الأطلسي. أما في المحيط الأقرب الى مدينتي سبتة ومليلية، فتواصل القوات المغربية عمليات تمشيط واسعة، في حين بدأ مهاجرون يتحدرون من اصول افريقية يفدون على مطار وجدة بهدف ترحيلهم الى بلدانهم الأصلية. وقال أحد المهاجرين إنه قطع الحدود بين الجزائر والمغرب عندما علم بالإمكانات المتاحة أمام عودته الى مالي. غير أن تنظيماً يُعنى بالدفاع عن حقوق الانسان نظم مساء الخميس تظاهرة في شارع محمد الخامس في الرباط ندد فيها بالمعاملات التي يلقاها المهاجرون على أيدي السلطات المغربية والاسبانية. ودعت الجمعية المغربية لحقوق الانسان الى احترام حرية المهاجرين وكرامتهم. وفي هذا الاطار، قال وزير الاعلام المغربي نبيل بن عبدالله ان الاتحاد الأوروبي كان وعد المغرب بتخصيص مبلغ 40 مليون يورو لمساعدته في التصدي للهجرة غير الشرعية، لكنه لم يف بوعده بعد. وقال ان الوضع المأسوي للمهاجرين الأفارقة الذين كانوا يحاولون الوصول الى اوروبا بأي ثمن، عبر اقتحام السياجات الأمنية والتدافع واستخدام العنف"تسبب في مقتل 11 مهاجراً لكن الوضع أصبح الآن تحت السيطرة الكاملة". وبعد ان لاحظ ان ما يزيد على 90 في المئة من المهاجرين الأفارقة يفدون على المغرب عبر الحدود الشرقية لبلاده مع الجزائر، أعرب عن الأمل بأن"تتحمل الجزائر بلد العبور مسؤولياتها في حماية حدودها بهدف الحد من تدفق المهاجرين"، مؤكداً ان المغرب"لا يرغب في أن يجعل من هذه القضية موضوع نزاع". وافادت السلطات المحلية في وجدة أ ف ب ان الجسر الجوي الذي اقيم الاثنين انطلاقاً من هذه البلدة وجدة في شمال شرقي المغرب انتهى أمس بعد ترحيل اكثر من 1600 مهاجر غير شرعي الى ماليوالسنغال. واقلعت الرحلة الأخيرة لشركة الخطوط الجوية الملكية المغربية وعليها 102 مهاجراً من مالي الجمعة من مطار وجدة-انقاد في اتجاه باماكو. وأوضح مسؤول في ولاية وجدة الواقعة على بعد 600 كلم شمال شرقي الرباط ان سفيري السنغال وغامبيا وديبلوماسياً مالياً كانوا في وجدة توجهوا ظهراً الى كولمين 700 كلم جنوبالرباط حيث يفترض ان يبدأ جسر جوي جديد الجمعة لاعادة حوالى الف مهاجر غير شرعي الى بلادهم. وقال مسؤول في ولاية وجدة ان الجسر الجوي كلف المنطقة والخطوط الجوية الملكية مليوني دولار. واوضح"ان المركزين الكبيرين اللذين كان فيهما الافارقة في وجدة قد اخليا ولم يبق فيهما احد". لكن وجدة لم تخل بعد من المهاجرين الافارقة حيث لجأ نحو 300 مهاجر من الكونغو وغانا وليبيريا منذ ثلاثة اشهر الى حرم جامعة محمد بن عبد الله رافضين مغادرة المكان. وأوضح جواد الاحرش وهو طالب مغربي في الآداب"هؤلاء الافارقة لا يريدون الرحيل ويظنون انه لا يمكن ابعادهم لأن الشرطة لا تستطيع انتهاك الحرم الجامعي لاخراجهم". واعلن المسؤول في ولاية وجدة"يجب انتظار الوقت المناسب لتوقيفهم بالقوة". وفي مدريد، اعلن ناطق باسم جبهة"بوليساريو"ان الجبهة عثرت على 25 مهاجراً افريقياً أمس في الصحراء الغربية. وأكد السيد عبد الله العربي ممثل"بوليساريو"في مدريد ان الجبهة عثرت على هذه المجموعة من الافارقة وان افرادها كانوا يعانون من"الجوع والعطش"في بلدة بئر لحلو الواقعة في الصحراء الغربية على بعد 200 كلم جنوب غربي مدينة تندوف الجزائرية. واضاف"انهم جازفوا بعبور حقل الغام"في الجدار الدفاعي الذي اقامه المغرب في اراضي الصحراء الغربية. وقال العربي في اتصال هاتفي"ان عناصرنا العسكرية يبحثون عن مجموعات أخرى من المهاجرين الافارقة". وكان مصدر في حكومة"الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية"التي أعلنتها"بوليساريو"أعلن آنفا انه عثر على مئات المهاجرين الافارقة في الصحراء الغربية في المناطق التي تسيطر عليها الجبهة. واكد المصدر"منذ الاربعاء عثرنا على اربع مجموعات من المهاجرين الافارقة في الصحراء في نواح عدة من المناطق المحررة في الجمهورية الصحراوية بعد ان تم ترحيلهم من شمال المغرب".