أعلنت الحكومة السودانية امس عزمها على اجراء اتصالات مع القوى السياسية بالتنسيق مع"الحركة الشعبية لتحرير السودان"لتحقيق اجماع وطني من اجل ضمان ديمومة اتفاق السلام وديمومته في جنوب البلاد الذي توصل اليه الطرفان، فيما يعقد مجلس الامن جلسة قبل نهاية الشهر لمناقشة نشر نحو عشرة آلاف مراقب للحفاظ على سلام السودان الذي حذّرت الاممالمتحدة من اخطار تتهدده. وجدد النائب الاول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه في مؤتمر صحافي عقده في مقر مجلس الوزراء امس التزام حكومته بإكمال المحادثات مع متمردي دارفور عبر وساطة"الاتحاد الافريقي"ومع"التجمع الوطني الديموقراطي"المعارض في القاهرة ومعالجة قضية شرق السودان. وقال ان الحكومة و"الحركة الشعبية"سيباشران قريباً اتصالات مع القوى السياسية التي لم تكن طرفاً في اتفاق سلام الجنوب من اجل تحقيق اجماع وطني واقناعها بالمشاركة في الحكومة والبرلمان الانتقاليين والمؤسسات التي ستنشأ عقب توقيع اتفاق السلام النهائي ولجنة صوغ دستور جديد لكنه اكد ان نسب اقتسام السلطة التي حددها الاتفاق لن تتغير، مشيراً الى ان مشاركة المعارضة بصورة رمزية في الحكومة الانتقالية لا يقدم في اتفاق السلام. واضاف طه ان القوى المعارضة اذا رفضت المشاركة فان الساحة السياسية مفتوحة والحريات متاحة لممارسة نشاطها وطرح برنامجها على الناخبين من خلال الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية التي ستجري في العام الرابع من الفترة الانتقالية التي تبدأ بعد ستة اشهر. ووعد بالافراج عن زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض الدكتور حسن الترابي المعتقل منذ آذار مارس الماضي وكل الموقوفين بعد رفع حال الطوارئ عقب توقيع اتفاق السلام النهائي، موضحاً ان حال الطوارئ ستستمر في بعض المناطق التي تقتضي ظروفها الامنية ذلك حسب ما تحدده الرئاسة. وذكر النائب الاول للرئيس ان زعيم"الحركة الشعبية لتحرير السودان"جون قرنق سيحضر الى الخرطوم مع قادة حركته بعد اقرار برلماني طرفي الاتفاق الدستور الانتقالي الذي ستصوغه لجنة قومية خلال ستة اسابيع تبدأ بعد توقيع الاتفاق النهائي الاحد المقبل. ونفى طه بشدة ان تكون حكومته توصلت الى اتفاق مع"الحركة الشعبية"بسبب ضغوط اميركية او غيرها وانما بقناعتها، وقلل من توقيع الرئيس الاميركي جورج بوش على"قانون سلام السودان"الذي اقره الكونغرس اخيراً واعتبره عصا اميركية ظلت مرفوعة في وجه حكومته لكنها لم تؤثر على مواقفها. وتابع:"التهديدات والضغوط لن تؤثر على مواقفنا وان نكون وطنيين ليس بالضرورة ان نكون في صدام مع الآخرين". وعن احتمال عدم استمرار اتفاق السلام في حال سقوط الحزب الحاكم و"الحركة الشعبية"في الانتخابات التي ستجري لاحقاً، اكد طه ان الاتفاق ليس بين اشخاص او طرفين وانما صار ملكاً للشعب واذا أُزيح اي طرف عبر الانتخابات فهذا شأنه". وزاد:"من ينجح في تحقيق السلام وتنفيذه فمن المنطقي ان يجد التفويض والقبول". وأقرّ ان طريق السلام"لن يكون مفروشاً بالورود والرياحين وليس ممهداً وانما تعترضه الغام وأشواك تنبغي ازالتها"واعتبر تجسيد احكام الشريعة الاسلامية في شمال البلاد بما يبقي السودان موحداً اكبر تحد لاتفاق السلام. وجدد طه رفض حكومته مطالب المعارضة عقد مؤتمر دستوري لتحويل الاتفاق من ثنائي الى قومي، وقال انها لا ترفض عقد لقاء او مؤتمر تداولي لتحقيق الاجماع الوطني لكنها لن تقبل عقد مؤتمر لمناقشة الاتفاق او تعديله لأن الاتفاق لن يُعدّل إلا وفق احكامه. الى ذلك اعلن مبعوث الاممالمتحدة الى السودان يان برونك في مؤتمر صحافي في الخرطوم امس ان مجلس الامن سيعقد جلسة قبل نهاية الشهر لاصدار قرار في شأن نشر ما بين تسعة الى عشرة آلاف جندي لمراقبة تنفيذ اتفاق السلام وضمان استمراره والتحقق من التزام وقف النار الى جانب توسيع بعثة الاممالمتحدة في السودان. واوضح الوزير الهولندي السابق ان بعثة الاممالمتحدة ستراقب ايضاً الانتخابات والاستفتاء على تقرير مصير جنوب البلاد عبر الوحدة او الانفصال. وتحدث برونك عن سبعة تحديات تواجه الاتفاق تشمل استمرار الحرب في دارفور والاوضاع في شرق البلاد والفصائل الجنوبية المسلحة والالغام وادماج المحاربين في المجتمع بعد نزع اسلحتهم واعادة النازحين واللاجئين الى ديارهم بالاضافة الى احتمال تأخر عون المانحين مع وجود كوارث اخرى في العالم مثلما حدث في دول جنوب شرقي آسيا، وربط تدفق العون الدولي الى السودان بحل ازمة دارفور.