دعا النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه المعارضة الى المشاركة في الحكومة والبرلمان الانتقاليين والمؤسسات الأخرى التي ستنشأ عقب توقيع اتفاق نهائي بين حكومته و"الحركة الشعبية لتحرير السودان"الأحد المقبل في نيروبي، وأعلن رفض الخرطوم مطالبها بعقد مؤتمر لتحويل اتفاق السلام من الثنائية الى القومية وتعهد بحل أزمة دارفور ونقل رسالة الى الشعب من زعيم الحركة جون قرنق. واعتبر طه الذي قاد وفد الحكومة الى المحادثات مع"الحركة الشعبية"ان الاتفاق الذي وقعه الطرفان الجمعة في ضاحية نيافاشا الكينية وشمل وقف اطلاق النار الدائم وآليات تنفيذ اتفاق السلام نهائي، وان التوقيع الذي سيكون الأحد المقبل هو اشهار وحفل للسلام. وتعهد طه في حفل نظمه الحزب الحاكم أمس عقب عودة وفده المفاوض بقيادة حملة لتفسير اتفاق السلام، وقال:"ليس لدينا ما نخشاه لأن السلام كتاب مفتوح وربما احتمل الخطأ واجتهاد البشر"في اشارة الى عدم وجود بنود سرية في الاتفاق. وأكد ان الاتفاق"جاء ثمرة حوار لا تنقصه الصراحة والشجاعة والجرأة في طرح المطالب ووجهات النظر"، موضحاً ان"الحركة الشعبية"طرحت مواقفها بحدة تجاه بعض القضايا وكانت الحكومة تتشكك في صدقيتها وجديتها لكنها أثبتت عزيمة وإرادة لتحقيق السلام، واعتبر ذلك نقلة نفسية وسياسية تجاوزت آثار الحرب والاقتتال. وأضاف طه ان التحول الديموقراطي لم يعد محل مزايدة بعد إقراره في الاتفاق، ودعا القوى السياسية الى المشاركة في الحكومة والبرلمان الانتقاليين والمؤسسات التي ستنشأ خلال المرحلة التمهيدية التي تبدأ الأحد المقبل وتستمر ستة أشهر قبل بداية الفترة الانتقالية. ورد على المعارضة التي ترى ان النسبة التي حددت لها في الحكومة الانتقالية والبرلمان ضعيفة"ندعو الى المشاركة الايجابية في مؤسسات السلام لا رمي النقد والتعالي ومن يرى ان حظه في المؤسسات منقوص فإن الساحة السياسية مفتوحة للعمل الجماهيري والانتخابات مقبلة"، لكنه أعرب عن أمله بتحقيق اجماع وطني. وتابع في رد على مطالبة المعارضة بعقد مؤتمر دستوري لتحويل اتفاق السلام من الثنائية الى القومية:"لن نزعزع ما تحقق بمؤتمرات انصرافية"، مؤكداً ان حكومته لن تعزل أحداً أو تقصيه الا من أبى، نافياً أن يكون الاتفاق محاولة لاطالة عمر حكومة الانقاذ التي وصلت الى السلطة عبر انقلاب عسكري في حزيران يونيو 1989 أو إلحاق"الحركة الشعبية"بالحكم. ونقل طه رسالة من قرنق الى الشعب السوداني يهنئه فيها بانجاز السلام وعزمه على تحول حركته من الحرب والاقتتال الى رصيد سياسي تكون قوة اسناد من أجل النهضة والإعمار والتنمية. وجدد عزم حكومته الاستفادة من تحقيق السلام في جنوب البلاد بوقف الحرب في غربه عبر اقتسام السلطة والثروة في دارفور، ودعا متمردي دارفور الى إعداد أنفسهم الى جولة محادثات حاسمة مع الحكومة للتوصل الى تسوية سياسية في الاقليم، ملمحاً الى انه يستعد بنفسه للتفاوض مع المتمردين لإقرار اتفاق مماثل لما حدث في نيافاشا. ورأى طه ان ما تحقق استكمال لحلقات السلام التي بدأت منذ استقلال البلاد قبل 49 عاماً، وأعرب عن تفاؤله بتزامن المناسبتين، مشيراً الى ان توقيع الاتفاق هو البداية لمعركة السلام. لكن أحزاب المعارضة التي غابت عن حفل الحزب الحاكم بتوقيع السلام في مقره أمس طالبت بتحويله من اتفاق ثنائي بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم و"الحركة الشعبية"الى اتفاق قومي عبر مؤتمر دستوري تشارك فيه كل القوى السياسية، ورأت ان السلام سيكون منقوصاً ما لم تحل أزمة دارفور والتوترات في شرق البلاد والغاء حال الطوارئ والقوانين الاستثنائية المقيدة للحريات. وقال نائب رئيس"حزب الأمة"آدم موسى مادبو ان قوة الدفع التي حلت بها الحرب في جنوب البلاد ينبغي ان تعالج بها حرب دارفور، ودعا الى مؤتمر دستوري وإقرار الحريات والديموقراطية. ودعا القيادي في"الحزب الاتحادي الديموقراطي"علي السيد الى الاسراع بوقف حرب دارفور وانجاز مصالحة بين الحكومة و"التجمع الوطني الديموقراطي"المعارض عبر محادثات ستعاود في القاهرة الشهر الحالي. وأعرب المسؤول السياسي في"حزب المؤتمر الشعبي"بشير آدم رحمة عن أسفه لاستمرار الحرب في دارفور والتوتر في شرق السودان، مؤكداً ان السلام لن يكتمل الا بحلهما، ودعا الى رفع حال الطوارئ والافراج عن المعتقلين السياسيين. واعتبر القيادي في الحزب الشيوعي فاروق كدودة الضامن لاستمرار الاتفاق تحويله الى قومي وعقد مؤتمر دستوري، محذراً من حدوث اختراق للاتفاق وانفجار صراعات مسلحة جديدة.