عبّر الرئيس الفرنسي جاك شيراك للبطريرك الماروني نصر الله صفير لدى استقباله اياه امس في قصر الإليزيه عن سروره لاستضافته شخصية لبنانية"ذات التقشف الأخلاقي الذي يتجاوز المحاور التقليدية، وترمز الى تعلق لبنان بالحريات العامة والقيم الديموقراطية والرغبة اللبنانية بالعيش المشترك بسلام". ونقل الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفرنسية جيروم بونافون عن شيراك قوله ان في"الوقت الذي يواجه لبنان تحديات مهمة فإن فرنسا ملتزمة استقلال هذا البلد وسيادته وتقليده الديموقراطي وهي على ثقة بأن جميع اللبنانيين قادرون على مواجهة التحديات والعيش معاً بانسجام". وكان شيراك عقد لقاء منفرداً مع صفير لمدة 45 دقيقة اثناء الدعوة الى الغداء الذي اقامه له بحضور المونسينيور سعيد سعيد قبل ان يصبح منفرداً. وقال بونافون ان اللقاء تناول العلاقات الفرنسية - اللبنانية والوضع الداخلي في لبنان وموقع المسيحيين في الشرق الأوسط، وسبل الاستجابة لمطالب الأسرة الدولية المنصوص عليها في القرار 1559 حول سيادة لبنان واستقلاله. وذكر ان شيراك أكد مجدداً رغبة الأسرة الدولية في ان ينفذ القرار 1559 بأكمله، مشيراً الى ان الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان تشكل من هذا المنظور مرحلة رئيسة وستتابعها الأسرة الدولية بدقة. وصرح صفير في اختتام لقائه مع شيراك الذي ودعه بحرارة في باحة القصر الرئاسي، بأن فرنسا كانت دائماً مع استقلال لبنان وهي لا تزال صديقة لسورية. وعما اذا كان بحث مع الرئيس الفرنسي في تنفيذ القرار 1559 قال صفير:"ان الذين اتخذوا هذا القرار يعرفون كيف ينفذونه". وأضاف ان القرار يقول:"باستقلال لبنان وسيادته ونحن عبرنا منذ زمن عن هذه المبادئ وإذا جاء هذا القرار متوافقاً مع ما طالبنا به فلا ننكره". لكنه اشار الى"وجود صعوبات امام تطبيقه"، معرباً عن اعتقاده بأن"هناك ربما مجالاً لدى الذين اتخذوا القرار ليطبقوه". وأن"هناك صعوبات في ان يكون له مردود غير مقبول على بعض الأطراف". وشمل برنامج البطريرك صفير في باريس لقاء مع وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه وآخر مع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية البرلمان جان لوي دوبريه. ويستقبل صفير اليوم السبت في مقر إقامته في فندق رافاييل العماد ميشال عون. وكان صفير عبّر في حديث الى"الحياة"عشية لقائه شيراك عن امله بتنفيذ القرار 1559"على الأرض في لبنان". وأبدى صفير امله بأن"تتم مسيرة تحرير لبنان من دون اي اقتتال، لأن ذلك ليس في مصلحة احد لا لبنان ولا سورية". وسألت"الحياة"صفير عما تناوله في لقائه مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في روما، وكيف سيكون التنسيق في المرحلة المقبلة؟ اجاب:"نحن نقدر وليد بك جنبلاط، فهو زعيم ولا يمكن لأحد ان ينكر عليه زعامته. اما لقاؤنا في روما فلم يكن مخططاً له. فهو زار روما وزار بعض المسؤولين في الفاتيكان وصادف اننا اتينا نحن الى روما، حيث لدينا مشاغل في بعض المجالس الحبرية، فالتقينا وتحدثنا عن الأمور الآنية. اما ان يكون هناك مخطط لهذا اللقاء، فلست انا من يتولى التخطيط. هذا متروك للأطراف السياسية، ونحن تمنينا على الجميع ان يوحدوا صفوفهم لينقذوا البلد مما يتربص به من اخطار". وسألته"الحياة": يركز الرئيس شيراك منذ مدة على ضرورة تنفيذ القرار 1559، فهل ترى ان ذلك ممكن على الأرض في لبنان وكيف؟ قال:"لا أدري اذا كان ذلك سيتم، ولكن القرار اتخذ من قبل اكبر سلطة في العالم اليوم وهي مجلس الأمن. اما عن كيفية التنفيذ فلا أدري ربما لديهم طريقتهم للتنفيذ، فنحن نتمنى ان ينفذ وأن يكون هناك توافق وأن نبقى على احسن وضع وعلاقة مع سورية. فما من جارين يمكن ان يعيشا في حال عداوة، ولكن لكل من البلدين الحق في ان يدير شؤونه بنفسه وأن يتولى امره، وأن يكون حراً سيداً ومستقلاً، اما الباقي فهناك مجال واسع للتنسيق". وعما يتوقعه من اللقاء مع العماد ميشال عون، وعلاقته مع اطراف المعارضة اللبنانية ومع رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، قال صفير:"نحن نلتقي مع عون وغيره ونلتقي مع الحريري وجنبلاط وسائر الناس ومطلبنا واحد وقد عبرنا عنه غير مرة ويقضي بأن يكون البلد حراً سيداً ومستقلاً وأن يتولى اموره بذاته وأن تجرى انتخابات حرة تتيح للناخبين ان يختاروا المرشحين الذين لهم علاقة بهم. اما انا فلست على رأس اي معارضة وأنا أعترف بأنني لجميع الناس اذا استطعت ذلك، وأنا لست رئيساً لحزب وإنما رئيساً للكنيسة والكنيسة لجميع الناس". وعن رأيه في قانون الانتخاب قال:"هناك في كل دول العالم دوائر صغيرة، يترشح فيها اشخاص عديدون وإنما يكون هناك مقعد واحد، وهذا يسهل على الناخبين معرفة المرشح ويسهل على المرشح معرفة الناخبين. وهذا قد يتم في القضاء، وقد جرب مرات عدة في عهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب وكانت هناك حكومة حيادية لا تضم مرشحين. البعض يقول ان هذا ولّد خصاماً وأنه كان هناك خطاب طائفي والبعض الآخر يقول انها كانت احسن طريقة للانتخابات، وإذا تم تبني النسبية او طريقة اختيار المرشح الواحد فهذا يتطلب وقتاً ليعتاد عليه الناس". وهل يمكن ان يحصل الانسحاب السوري من دون حصول حرب اهلية؟ اجاب صفير:"نأمل ان تتم مسيرة تحرير لبنان وليس لأحد مصلحة بأن يكون هناك اقتتال. فهذا ليس لمصلحة سورية ولا لمصلحة لبنان بل ان مصلحة البلدين تقضي بأن يكون بينهما تعاون وأن يكون كل منهما مطمئناً لأموره الداخلية، وهناك مجال للتنسيق في الأمور الخارجية".