كانت أعواد الغاب ذات الأطراف المبريّة والفراجين الصغيرة المصنوعة من ليف النخيل وأقداح الماء، ولوحات مزج الالوان المصنوعة من الاصداف أو قطع الفخار المكسورة، هي عدة المصور المصري القديم، للتصوير على الجدران بالأصباغ المحلولة في الفراء وزلال البيض. وعلى خطى أجدادهم الفراعنة وتخليداً لذكرى أدائهم لمناسك الحج، ينشط عدد من الفنانيين المصريين ومعظمهم من التلقائيين فيرسم ما يعرف برسوم أو جداريات الحج وهي الفريضة التي تتميز بطابع خاص في صعيد مصر، وتكون موسماً لازدهار سوق الرسامين والمغنين الشعبيين. وتستعين أسرة الحاج أو الحاجة، قبل أيام من عودتهم من الأراضي السعودية برسام يصور على جدران المنزل وواجهته ذلك الحاج أو تلك الحاجة وهي تؤدي الشعار وتطوف حول الكعبة وتصلي في الروضة النبوية الشريفة. والطيب محمد النجار الذي تعلم الرسوم منذ الصغر على يد أستاذه محمد عبدالملك، هو واحد من فناني رسوم الحج وأكثرهم شهرة وقدماً في ممارسة هذا الفن الشعبي المصري الذي يقاوم الاندثار على حد قوله. وصرح الطيب بأن فن جداريات الحج له جذور فرعونية هي تلك الرسوم والنقوش الدينية التي تنتشر في المقابر والمعابد المصرية القديمة، الى جانب عثور علماء المصريات على الكثير من الادلة الاثرية التي تؤكد وجود نقوش على جدران بعض المنازل... وذلك على غرار الرسوم التي تزين واجهات منازل سكان النوبة في أسوان. أما أول رصد لرسوم وجداريات الحج في العصر الحديث، فكان على يد بعض الرحالة الاجانب الذين زاروا مصر في نهاية القرن التاسع عشر. وأشار فنان الجداريات محمد الطيب في حديثه إلى أن جداريات الحج كانت بدايتها عبارة عن كتابات بخط بارز تعلن عن أداء صاحب البيت أو أحد أفراده لفريضة الحج، ثم تطور الأمر إلى أن أصبح فناً وظاهرة شعبية تلفت أنظار الباحثين الأجانب أمثال آنباركر وأفون نيل اللذين أصدرا كتابا وثائقيا حوى تسجيلاً لعشرات جداريات الحج في صعيد مصر.