تستعد غالبية العائلات العراقية من الطبقة المتوسطة والمحدودة الدخل، التي تسكن وسط العراق وغربه، للسفر إلى اقليم كردستان أو المحافظاتالجنوبية الهادئة نسبياً، فيما قرر بعض الأسر الثرية مغادرة العراق إلى عمانودمشق والبقاء فيهما إلى حين انتهاء الانتخابات. وتشهد العاصمة بغداد اضافة إلى التصعيد الأمني شحة في الخدمات، مثل الوقود والكهرباء والماء، ما دفع المواطن إلى مغادرتها تحسباً من تزايد الاضطراب الأمني قد يرافق العملية الانتخابية، لا سيما مع تزامن موعدها والعطلة الربيعية المدرسية الذي منح المواطنين فرصة أكبر للسفر. ويقول محمود عباس موظف:"سأغادر بغداد إلى مدينة السماوة المستقرة أمنياً"، ويضيف عباس، وهو من سكان منطقة الدورة جنوببغداد، ان"الدورة خارجة عن سيطرة الحكومة حيث ان المسلحين الملثمين عادة ما نشاهدهم يجوبون شوارعها مهددين السكان بعدم المشاركة في الانتخابات وإلا سيكون الموت مصيرهم". وتؤكد سلمى عزيز ان عائلتها أكملت تحضيراتها لمغادرة بغداد بعد انقضاء عيد الأضحى مباشرة إلى أربيل، وتقول:"ستنتخب عائلتي في مراكز الاقتراع الموجودة في أربيل لأنها مستقرة أمنياً". والتصعيد الأمني الذي تشهده بغداد وعدم سيطرة الأجهزة الأمنية بصورة كاملة على محافظات الأنبار وصلاح الدين والموصل يدفع بالمواطن إلى المغادرة إلى مناطق أكثر هدوءاً، لا سيما مع تزايد ضرب مقرات الاحزاب ومكاتب المفوضية العليا للانتخابات واغتيال المرشحين. وما زاد الوضع تردياً هو قيام الجماعات المسلحة بتوزيع المناشير التحذيرية بنسف المراكز الانتخابية، ما خلق جواً من الرعب في اوساط المواطنين. ويشير خالج مهند، ويسكن في حي الأعظمية في بغداد، ان"المقاومة المسلحة وزعت منشوراً تؤكد فيه سيطرتها على الأعظمية ورفضها أي انتخابات داخلها ما أجبر معظم السكان إلى ترك المنطقة إلى مناطق أخرى". وسهلت المفوضية العليا عمليتي تسجيل الناخبين والتصويت لتمكين الناخب من الادلاء بصوته في أي مركز اقتراع قريب من محل وجوده، ما يسهل الاقتراع في أي مدينة بالنسبة إلى المغادرين من المناطق المضطربة والنازحين منها إلى أخرى مستقرة أمنياً. ويشير علاء سعدون، وهو من سكان الفلوجة النازحين إلى بغداد، ان عائلته ستدلي بصوتها في بغداد، إلا ان الكثير من العائلات النازحة فقدت اوراقها الرسمية أثناء نزوحها من المدينة لدى اجتياح القوات الاميركية المدينة قبل شهرين، ما سيؤدي إلى خسارة اصواتهم. من جهة أخرى يؤكد العديد من أصحاب مكاتب السفر والسياحة ازدياد الطلب على السفر إلى الاردن وسورية مع اقتراب موعد الانتخابات. ويذكر سلام العقيل. صاحب شركة"زيونة"للسفر. ان أسعار النقل ارتفعت بسبب ازدياد الطلب على سيارات الأجرة. لافتاً إلى ان غالبية المسافرين هم من التجار والأثرياء الذين لا يهمهم قضاء اسبوع في أحد فنادق عمان أو دمشق إلى حين استقرار الوضع. وتقول أم ريم، في معرض تبرير سفرها إلى دمشق بتهديد"عناصر المقاومة التي أعلنت حظر التجول في الموصل - حيث تسكن - ومنعت أي شخص من الاقتراع عبر مناشير وزعتها في المدينة". وتضيف:"كان ينبغي تأجيل الانتخاب إلى وقت آخر، فاذا كانت عائلتي ستصوت في أحد مراكز الاقتراع في سورية فما ذنب أصوات العائلات الموصلية التي لا تملك المال الكافي لمغادرة الموصل؟ ومن سيضمن أرواحها اذا توجهت إلى مراكز الاقتراع في أربيل أو السليمانية"، مشيرة إلى ان"المقاومة هددت العائلات التي تنوي الاقتراع في اقليم كردستان وقتل كل من يحمل بصمة الانتخابات على إصبع يده". وتلقي سعاد مهدي، وهي مدرسة تستعد لمغادرة بغداد إلى عمان مع عائلتها، باللوم على الحكومة"لعدم مراعاتها وضع المواطن في المدن التي يسيطر عليها مسلحون". وتقول:"المرشحون وموظفو المفوضية يحافظون على حياة عائلاتهم ويبقونها خارج العراق، فيما ترزح الأسر العراقية تحت وطأة الظروف الأمنية والمعيشية المتدهورة ويريدونها ان تنتخب!".