يكثر اهتمام مراكز الأبحاث الأوروبية بندوات الحوار حول الإصلاح السياسي في الشرق الأوسط على هامش الجهود الأوروبية الرسمية لمقاربة الشرق الأوسط بنظرة جديدة، ولإيجاد مساحة مشتركة مع الولاياتالمتحدة تجاه مشكلاتها. ومع نهاية العام 2004، افتتحت مؤسسة"هنريش بول"الألمانية مكتباً لها في بيروت يغطي منطقة الشرق الأوسط، وأطلقت موقعاً على الإنترنت ليصبح منتدى اوروبياً - شرق اوسطياً يهدف الى دفع التفهم المتبادل حول قضايا المواطنية والعولمة الثقافية. ولمناسبة افتتاح مكتب المؤسسة اقيمت طاولة مستديرة استمرت يوماً كاملاً في بيروت شارك فيها مثقفون ومهتمون ألمان وأوروبيون ولبنانيون وعرب تحت عنوان"أوروبا والشرق الأوسط - هيكليات قديمة - تحديات جديدة". وركزت الندوة على ان لمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق عملية برشلونة الأورو متوسطية، فإن 11 أيلول سبتمبر حفز على ضرورة اعادة تعريف العلاقة. وشارك في الطاولة المستديرة فرنشيسكو اكوستا من بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت ايضاً". ابرز المداخلات في حينها كان لباربرا انموسيغ، عضو مجلس ادارة"مؤسسة هنريش بول"، التي حددت القضايا التي ترى وجوب التطرق إليها من قبل المؤسسة، خصوصاً بعد افتتاح مكتبها في بيروت كالآتي: "- نحن مدعوون الى مواجهة الأفكار المسبقة، والعنصرية والصور المبنية عن العالم العربي والإسلام والتي توحي بالحقد والخوف، والتي توفر في الوقت نفسه فرصة مواجهة. - علينا ان ندرك ان انفعالات الشعوب في العالم العربي ترسمها تجارب تاريخية وصدمات مختلفة عن اوروبا. والعكس صحيح. - نحتاج الى التطرق الى تآكل صدقيتنا في العالم العربي اذا استمرت القوى الغربية في تطبيق المعايير المزدوجة في القانون الدولي وحقوق الإنسان والمبادئ الديموقراطية، حين يتعلق الأمر بالمنطقة وهنا اعود تحديداً الى الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي والوضع في العراق. - علينا ان نكون واعين اكثر للمبادرات داخل العالم العربي التي تشجع على مواجهة العوائق امام الدمقرطة والإصلاح". وكان لوزيرة الدولة في الخارجية الألمانية مداخلة تناولت احداث 11 ايلول وموقف ألمانيا الرافض للحرب على العراق، لتشير الى"اننا على رغم ذلك، نواجه جميعاً تحدي تهديد الإرهاب العالمي والذي هو ليس تهديداً لمجتمعات الغرب بل للعالم الإسلامي والعربي". وأكدت القناعة بأن"مواجهة هذا الخطر لا تتم بالوسائل العسكرية وحدها وأن ردنا عليه يجب ان يكون شاملاً وأننا نحتاج الى استراتيجية مشركة". ودعت، لذلك، الى تحديث، سياسي اجتماعي وثقافي، وإلى دمقرطة اكثر، وحكم القانون ومزيد من حقوق المرأة والحكم الصالح في الشرق الأوسط. ورأت ان عملية برشلونة توفر خوض حوار مفتوح إذ نستطيع طرح كل قضايا الإصلاح بين الأوروبيين ودول الشرق الأوسط وهدفنا هو نشوء منتدى دائم لتفهم افضل بين الشركاء المتوسطيين والاتحاد الأوروبي المستعد على الدوام من اجل توفير الاعتمادات المالية لذلك وألمانيا مقتنعة بأن تجربة اوروبا الديموقراطية وفي مجال حقوق الإنسان وحكم القانون ستساهم في مستقبل افضل في المنطقة. وأشارت الى ان اعلان قمة تونس للإصلاح وإعلان صنعاء ووثيقة الاسكندرية تقول كلاماً واضحاً حول ذلك. وشددت على ان المبادرة الألمانية ساهمت في تحديد المقاربة الأطلسية للوضع في الشرق الأوسط وفي قيام مشروع الشرق الأوسط الأوسع في قمة الثماني الربيع الماضي، ودعت الى عدم اقتصار الحوار على الحكومة العربية والأوروبية، بل الى ان يلعب المجتمع المدني دوراً مهماً فيه وفي الإصلاح. وكانت للمستشرق الألماني، فولكر بيرثيس، عضو المؤسسة الألمانية للأمن والسياسة مداخلة اوضح فيها ان المبادرة الألمانية حول الديموقراطية العام الماضي"عبرت عن اعلى درجات التعاون بين أوروبا وأميركا". وأكد انه"بقدر اقتناع الأوروبيين بأنه ليس كافياً قصف السيئين وأن المفيد التفكير بالقضايا البنيوية والاقتصاد والتعليم... لإصلاحها فإن الأوروبيين اقتنعوا ان لا مجال لإحداث تقدم في المنطقة، في ظل صراع اوروبا مع اميركا". ودعا الى الابتعاد عن"الوصفات التافهة في المنطقة، لأن الناس فيها لا يرغبون في ان يقال لهم ماذا عليهم ان يفعلوا". وطالب بدعم التغيير السلمي فيها، واعتبر ان المجتمع المدني يشمل الإسلاميين والسعي الى تغيير البنى لا الأشخاص، لأن لا مجال إلا لقيام علاقة مع الأنظمة في العلاقات الدولية. وأشار الى ضرورة عدم تجاهل الصراع العربي - الإسرائيلي، المصدر الرئيس للتطرف، بالعمل على حل عادل. وأكد وجوب قيام اجندة اميركية - اوروبية حول المنطقة، المعيار فيها حاجات الشرق الأوسط، وليس التمايز بين سياسة ادارة الرئيس جورج بوش وسياسة الرئيس جاك شيراك مثلاً...