في مطلع كل عام، تطالعنا الفضائيات العربية بعدد هائل من المتنبئين والمتنبئات الذين يبالغون في وصف مميزات العام واخفاقاته متوقعين او"منجمين"المشاكل التي سيتعرض لها العالم العربي والشخصيات التي قد تفقد"حياتها"أو منصبها وما الى ذلك من توقعات. والغريب أن بعض هؤلاء تحولوا الى محللين سياسيين بامتياز فأضحوا يتنبأون بالضغوط على بعض الدول العربية كسورية وببعد تشكيل الدولة الفلسطينية وغيرها من المواضيع السياسية. والأغرب أن يتحول بعض الصحافيين والكتاب الى متنبئين تطلب الفضائيات والاذاعات تنبؤاتهم للعام الجديد وكأن التيار الجديد قد جذبهم فانجرفوا فيه بارادتهم! قد يكون علم النجامة المرتبط بعلم الفلك علماً مستقلاً بذاته وقد عرف هذا العلم منذ قرون، لكننا لا نظن ان احداً يمكنه ان يحدد مصير الآخر بالاعتماد على مواقع الأبراج والنجوم! كما ان علم النجامة لا يمت بصلة الى التنجيم! وما يثير الانتباه هو تبجح احدى المنجمات المعروفات التي استقبلتها احدى الفضائيات العربية حين قالت انها"تتنبأ ولا تتوقع!"واللافت ان المذيعة التي استقبلتها تفاعلت معها بشدة وأثنت على تظابق تنبؤاتها للعام الفائت مع ما مرت به المذيعة الفاتنة! مما لا شك فيه ان الابراج والتوقعات أضحت تحتل مكانة كبيرة في حياة الشعوب سواء كانت عربية ام أجنبية، فحتى في البلدان الغربية والمتقدمة هناك من يؤمن ويتعامل بالتنجيم. والامر يعود للجوء الانسان المغلوب على أمره والذي شهد الكثير من المصائب والنكبات الى التعلق بالتنجيم والابراج رغبة منه في معرفة أي معلومة مهما كانت صغيرة عن المستقبل قد تساعده في تحمل الواقع المعاش. فهل ينبغي أن نعزز هذا الميل، ونروّج لمنجمين"أبدعوا"، ونعاملهم معاملة المخترعين والفاتحين؟ هل نسوّق لكتبهم و"ابتكاراتهم"التي بدأت تغزو المكتبات... لا بل أصبحت قراءات كثير من الناس تقتصر عليها؟ واذا كانت توقعات هؤلاء المنجمين عمومية وبديهية... فهذا الامر يدعونا الى عدم الانسياق وراءها. ينبغي ألا ننسى ان المنجمين يكذبون"ولو صدقوا".