كم بدت مثيرة الحلقة الأخيرة من «كلام الناس» (أل بي سي) التي استضاف فيها الإعلامي مارسيل غانم عالم الفلك البروفسور اللبناني – الأميركي جورج الحلو الذي ينتمي إلى مؤسسة «ناسا» الأميركية المعروفة بأبحاثها الفضائية الرائدة. جاءت هذه الحلقة في الوقت المناسب لتضع الجمهور أمام حقائق علمية تتعلق بالأفلاك والمجرات والنجوم، ولتفضح في الوقت نفسه «أكاذيب» الفلكيين والمنجّمين الذين تعج بهم الشاشات، المحلية والفضائية في هذه الفترة، فترة ما بين انصرام عام وبداية سنة جديدة. وليت هؤلاء المنجّمين والمنجّمات خصوصاً، كانوا من مشاهدي هذه الحلقة البديعة التي استطاع البروفسور ومحاوره ان يلقيا ضوءاً على علم الفلك الذي يتطلب اختصاصاً علمياً وأكاديمياً يمتد أعواماً ويفترض الكثير من الجهد والبحث والمعرفة. أكد هذا العالم اللبناني الذي يحتل موقعاً مهماً في مؤسسة «ناسا» أن علم الفلك ليس كما تروّج له البصّارات و«البرّاجات» و«الفلكيات» على الشاشات الصغيرة والذي يقتصر وفق هؤلاء جميعاً، على «التنبؤ» الكاذب كما يقول المثل العربي الشهير، وعلى «استشارة» الكواكب والنجوم ورصد حركاتها بالعين المجرّدة وليس بالآلات والتلسكوبات والجداول العلمية. كان لا بد من فضح هؤلاء المنجّمين والمنجّمات وكشف ألاعيبهم وأكاذيبهم وأهدافهم التجارية التي تسمح لهم بالكذب على الناس وإيهامهم بحقائق مزيّفة. وقد لا يتحمل الجمهور عبء هذا «النجاح» الإعلامي والمالي الذي يلقاه هؤلاء المبصّرون، فالناس يحتاجون الى أي إشارة أو علامة تحمل إليهم الأخبار الجميلة والتوقعات التي يتمنونها وبخاصة في فترة رأس السنة، التي يودّعون فيها عاماً ليستقبلوا سنة، يرجون أن تكون سنة خير وبركة. في كل فترة من هذه السنة يتكاثر المنجّمون والمنجّمات، فيطلّون على الشاشات منفّذين رغباتهم أولاً ثم رغبات اصحاب الشركات التلفزيونية، فمثل هذه الإطلالات وإن كانت مفضوحة مسبقاً، تجذب المعلنين وإعلاناتهم وتدرّ المزيد من المال، فالجمهور العريض – جداً – ينتظرها ويتابعها بحماسة وشغف، عاماً تلو عام. واللافت – المضحك – أن هؤلاء المنجّمين، بالعين المجردة دوماً، يستعرضون «تنبؤاتهم» للعام الماضي ليؤكدوا، زوراً وبهتاناً، للجمهور حقيقة تلك «التنبؤات» الكاذبة والخائبة، والتي لم يتحقق منها إلا ما كان الجمهور نفسه يتوقعه، من دون تنجيم ولا «تبصير». ولعل الكذبة الكبيرة التي فضحت هؤلاء المنجّمين والمنجّمات أن ما من أحد منهم (ومنهن) توقّع حصول الثورات العربية وإشراق «الربيع» العربي خلال العام الذي ينصرم. لقد فضح «الربيع» العربي أكاذيب هؤلاء المنجمين مثلما فضح تماماً أكاذيب الأنظمة وأساليبها البوليسية وفسادها... يبقى فقط ان ثمة منجّمين – ومنجمات خصوصاً – يجيدون سرقة كتب الأبراج الأجنبية، فيترجمون منها وينسبون ما يترجمون إليهم.