انهيار النظام البعثي القمعي الاستبدادي في العراق أدخله في دهاليز التخبط والتقلبات السياسية، وإصلاح ما دمرته آلة القمع الصدامية من خلال إعادة ترتيب البيت العراقي الجديد الذي لا بد من أن يبدأ بناؤه من أساسياته الأولية. إن الانتخابات العراقية المقبلة تشكل الركيزة الأولى من سلسلة الأسس التي يجب مراعاتها في ترتيب ذلك البيت الذي انهار والحصول على حكومة تؤطر أبناء العراق لمهمة صعبة للغاية، وتتطلب كثيراً من الترتيبات، وتوخي الحذر من الفئة الارهابية التي اتخذت من العراق مركزاً جديداً لارتكاب مجازرها وعملياتها الارهابية الطامحة الى إفشال المشروع الديموقراطي العراقي الجديد. والذين يقفون ضد هذه الانتخابات هم، بلا شك، يخافون من الشعب العراقي الذي لن يمنحهم ثقته. المالك الوحيد لهذه الثقة هو الشعب الطامح ان تحكمه قيادة جديدة تعكس الواقع العراقي، وتكون مرآة للشعب بكل ألوانه، لا أن ينفرد في حكمه مرة أخرى حكم مشابه للطاغية. ان من يشكك في العملية الديموقراطية الجديدة هو واحد من الذين يتمنون عودة نظام الحكم الواحد الذي ينفرد بالسلطة لنفسه وذويه، ويترك الآخرين في غياهب سلطانه. وكل من يريد نجاح هذه العملية يريد الخلاص من ثقافة كان همها هو إقصاء الآخر. فالعراقي ما عاد يتحمل أكثر من المصائب والويلات التي ارتكبت بحقه من قبل نظام كان يفوز بمئة في المئة. ولو كانت الانتخابات حقيقية ونزيهة، وانتخب الشعب العراقي بحرية، لما نال الحاكم السابق سوى صوته في الانتخابات. وهو لم يكن ينال حتى أصوات عائلته وحاشيته. فالأمر اختلف الآن. ولن يعود العراق الى سابق عهده. إن من واجب الدول العربية والاسلامية، وبلدان العالم التي تجاور العراق، من واجبها مساعدة الشعب العراقي في هذه الانتخابات، الأمل الوحيد لأن يقف العراق مرة أخرى على قدميه. ومساعدته تتطلب العمل الحقيقي لا الادلاء بتصريحات. وكل من يريد من العراق، ومن شعبه أن يعيش حياة حرة كريمة، وبكرامة، واجبه أن يساند هذه الانتخابات، ويحاول اخراجها في الشكل الديموقراطي المطلوب لكي يكون العراق الجديد قدوة لكل دول العالم التي تأمل شعوبها في ممارسة حقها في التعبير عن رأيها من دون خوف أو وجل من الطغاة. مسعود عكو [email protected]