أعلن وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي امس عزمه على شن"حرب اقتلاع"للعناصر المخلة بالأمن في الضواحي، وذلك غداة الليلة الرابعة على التوالي من المناوشات بين مجموعات من الشبان ورجال الأمن في ضاحية كليشي سوبوا الباريسية. وقال ساركوزي خلال جولة في ضاحية سان دونيه الباريسية امس، انه في اطار حربه تلك سيتم تخصيص 17 فرقة من شرطة مكافحة الشغب لما يسمى بالأحياء الصعبة، كما سيستعين بالاستخبارات العامة،"التي ستتولى الكشف عن اسماء رؤساء العصابات والمهربين والزعماء المحليين". ويأتي تصريح ساركوزي غداة انحسار العنف في منطقة كليشي سوبوا التي شهدت مساء الجمعة والسبت الماضيين حرب شوارع بين مجموعات من الشبان ورجال الأمن. وسببت حرب الشوارع التي اقتصرت مساء الأحد على مناوشات محددة، مقتل شابين من سكان كليشي سوبوا يدعيا زياد وبانو، بعدما صعقا بالتيار الكهربائي لدى اختبائهما داخل محول تابع لشركة كهرباء فرنسا. وترافق مقتلهما مع اشاعة افادت ان زياد وبانو اللذين لا سوابق لديهما، احتميا داخل المحول بسبب مطاردة رجال الشرطة لهما. ونفى ساركوزي في شكل قاطع تلك الإشاعة، وأكد لذوي القتيلين لدى استقباله لهم امس، انه عازم على الكشف عن كل الملابسات التي ادت الى وفاتهما، وأنه سيضع بتصرفهم كل العناصر التي ستتوصل إليها التحقيقات القضائية والإدارية. وتأكيداً لعزمه على معالجة موضوع انعدام الأمن في الضواحي ووضع ثقله الشخصي في هذا الإطار، اكد ساركوزي في تصريح للقناة الأولى في التلفزيون الفرنسي، انه سيقوم اسبوعياً بجولة تفقدية على هذه الضاحية او تلك. وكانت الزيارات التي قام بها الى عدد من الضواحي اخيراً، ادت الى تعرضه لهتافات معادية من قبل السكان وإلى تبادل حاد في الآراء واحياناً إلى إلقاء زجاجات فارغة باتجاهه. ويأخذ الكثير من سكان الضواحي على ساركوزي اصراره على التعامل مع مشاكلهم من زاوية امنية بحتة، في حين ان انعدام الأمن مرده الى اسباب معقدة اقتصادية واجتماعية، مزمنة ومستعصية. وتشارك سكان الضواحي في هذا الرأي، المعارضة الاشتراكية التي عبرت على لسان الكثير من مسؤوليها عن شجبها لأسلوب وزير الداخلية البوليسي في التعالم، معتبرة انه سيؤول حتماً الى فشل ذريع. لكن المعارضة الاشتراكية واليسار الفرنسي عموماً، لم يسجل أي نجاح في تعامله مع الضواحي اثناء وجوده في الحكم، ذلك ان الاسلوب الذي اعتمده وتم بموجبه تكليف الجمعيات المحلية والمنظمات غير الحكومية بالتعامل مع المشكلات القائمة في هذه المناطق، كلف الدولة الفرنسية مبالغ طائلة من دون مردود على الأرض. في المقابل، وعلى رغم ادراكهم لخطورة الأوضاع القائمة في هذه الضواحي، ينظر الكثير من المسؤولين في اليمين الحاكم الى اصرار ساركوزي على فتح ملف هذه المناطق في هذه الفترة بالذات، وحرصه على تسجيل نتائج سريعة، هدفه اضافة ورقة جديدة الى الأوراق التي يحتاجها لدعم موقعه كمسترئس في انتخابات سنة 2007.