عقد رئيس الحكومة الفرنسي مانوال فالز يرافقه 17 من وزرائه اجتماعاً حكومياً مصغراً في لي مورو (ضاحية باريس)، تم خلاله إقرار مجموعة إجراءات تهدف إلى إزالة «غيتوات» الفقر والبطالة التي تطوق المدن الفرنسية الكبرى. وصادفت هذه الخطوة الذكرى العاشرة لمقتل الشابين زياد وبونا إثر ملاحقة الشرطة لهما في كليشي سوبوا، ما أدى إلى أعمال عنف امتدت إلى مناطق فرنسية عدة وحملت رئيس الحكومة في حينه دومينيك دوفيلبان إلى إعلان حال طوارئ للسيطرة على الوضع. ويفترض أن تؤدي الإجراءات التي أقرت خلال اجتماع لي مورو إلى تعزيز الخطوات التي كانت اتخذتها الحكومة في آذار (مارس) الماضي، في مجال السكن والتعليم والإعداد المهني من أجل القضاء على «الغيتوات» التي باتت قائمة في ضواحي معينة، وذلك وفقاً لتعبير استخدمه فالز نفسه في كانون الثاني (يناير) الماضي. ويأتي في طليعة الإجراءات تشديد أسلوب التعامل مع المناطق التي لا تحترم الالتزام القانوني الذي ينص على تخصيص نسبة تتراوح بين 20 و25 في المئة من الشقق للسكن الشعبي، والتي ترفض بالتالي احترام مبدأ الاختلاط الاجتماعي وعددها 36 منطقة موزعة بين باريس ومحيطها وجنوب فرنسا. أيضاً من أبرز الإجراءات التي تم إقرارها، تعزيز مكافحة التمييز العنصري في سوق العمل وإطلاق خطة اختبارية في هذا المجال على المستوى الوطني، علماً أن نسبة البطالة التي قاربت في فرنسا 11 في المئة تتراوح في بعض الضواحي ما بين 25 و35 في المئة. كما تتناول الإجراءات مجالات عدة أخرى منها التربية العلمانية وامتلاك اللغة الفرنسية ومساعدة الجمعيات المدنية الناشطة في الضواحي وتقديم حوافز مادية للمؤسسات التي توظف شباباً من الضواحي. وكانت رئاسة الحكومة أفادت بأن الاجتماع الوزاري وما يواكبه من زيارة إلى أحياء لي مورو، يعبر عن إرادة فالز في إرساء حوار يشكل الدليل الأول على الاهتمام بالضواحي وأنه يعتزم إنشاء مجلس وطني يضم أعضاء من المجالس المنتخبة وأطرافاً فاعلة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي وعدداً من سكان الضواحي. وبمعزل عن صدق النوايا التي تحرك فالز، فإن ما يقوله ويقرره في شأن الضواحي، يذكر إلى حد مثير للسأم بما سمعه سكان الضواحي وسواهم من فرنسيين، من وعود وتعهدات. كما أنه من الصعب عدم التوقف عند كون هذه اللفتة حيال الضواحي تبدو متأخرة بعض الشيء، علماً أن ولاية الرئيس فرانسوا هولاند (الاشتراكي) بدأت تقترب من نهايتها عام 2017. في الوقت ذاته، فإن هذه اللفتة تسبق الانتخابات الإقليمية التي تشهدها فرنسا في كانون الأول المقبل، وتجمع الاستطلاعات على أن نتيجتها ستكون بمثابة هزيمة نكراء لليسار الحاكم، خصوصاً في ظل ابتعاد الأوساط الشعبية عموماً وسكان الضواحي خصوصاً عن الاشتراكيين، بعد أن كانوا اقترعوا بكثافة لمصلحة هولاند في انتخابات الرئاسة عام 2012. وكانت الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إلى ضاحية لاكورنوف قبل بضعة أيام، تحولت إلى مناسبة للتنديد بسياسة هولاند وبعدم التزامه بوعوده الانتخابية.