أظهرت وقائع اليوم الأول للمؤتمر السنوي للحزب الوطني الحاكم في مصر "تصعيداً" لنجل الرئيس المصري، حتى لو لم يفض المؤتمر الى ترفيع الى موقع أعلى من موقع رئيس أمانة السياسات في الحزب الذي يشغله حالياً. إذ أن معظم الخيوط إن لم يكن كلها عنده. راجع ص 6 وعكست المؤتمر، الذي افتتح أمس ويختتم غداً، أن هاجس الانتخابات البرلمانية السنة المقبلة هي في ذهن جمال مبارك وتياره من أعضاء أمانة السياسات، وأن إصلاحاً سياسياً يتم لكن من دون قرارات دراماتيكية. في المقابل اتضح امس اتساع الهوة بين قوى المعارضة وأحزابها التي حددت شرؤيتها للإصلاح عبر مطالب محددة، وبين أولويات الحزب الحاكم الذي يناقش أعضاؤه رؤى أخرى يرون أنها تناسب المرحلة الحالية. وهو ما عبر عنه جمال مبارك صراحة حين قال في كلمته "إن القيادة يجب أن لا تواجهها استطلاعات الرأي العام وانما مصلحة المجتمع". ولم يكتف مبارك الابن في كلمته المرتجلة بتقويم أداء الحزب في السنة الماضية ولم يتوقف عند نشاط أمانة السياسات التي صارت أهم هيئات الحزب، وإنما عرض فيها سياسات الدولة كلها حكومة وحزباً وتحدث عن الاصلاح السياسي والتعليم والاقتصاد وتآكل الاراضي الزراعية ومداخيل السياحة وايرادات قناة السويس. وتوارت الى خلفية الصورة غالبية الحرس القديم من قادة الحزب مثل نائب رئيس الحزب الدكتور يوسف والي الذي لم يسمع أحد صوته أما الأمين العام صفوت الشريف فقالها صراحة: "كل اعضاء حزبنا تواقون الى التغيير"، مؤكداً أنهم "سئموا فكراً زال وتآكل". واذا كان الشريف تحدث عن التغيير في الأفكار فإن وقائع اليوم الأول أكدت أن "التحديث" يجري بالنسبة الى الأشخاص ايضاً. فمنسق المؤتمر والناطق باسمه الدكتور محمد كمال ينتمي الى جيل الشباب، وهو الوجه الأبرز بالنسبة الى الإعلاميين ينقل اليهم ما يدور في الجلسات المغلقة ويرد على اسئلتهم في كل الملفات وهي مهمات كانت حكراً على رموز الجيل القديم. وأكد كمال أن مطالب المعارضة بتعديل الدستور خصوصاً مسألة اختيار رئيس الجمهورية والغاء قانون الطوارىء "ليس على أجندة المؤتمر" وأن عملية الاصلاح السياسي "لا يمكن أن تختزل في مطالب كهذه". وبيّن حديث كمال الى الصحافيين أن ما سيعلن في نهاية المؤتمر من أفكار إصلاحية يحتاج الى وقت حتى يُحسم بعد عملية حوار مع قوى المجتمع معارضة ومنظمات أهلية لتستقر عند البرلمان الذي يحسم مثل تلك الأمور. صدقية الحزب في الشارع ستكون على المحك في الانتخابات البرلمانية العام المقبل، بحسب كمال الذي أكد أيضاً أن العملية الاصلاحية ستظهر نتائجها قبل الانتخابات التي تستعد قوى المعارضة ايضاً لها، فبالتوازي مع مؤتمر الوطني اجتمع رؤساء سبعة أحزاب معارضة وأصدروا برنامجاً للإصلاح السياسي كانت المسافة شاسعة بينه وبين أفكار الحزب الوطني الاصلاحية. ولم يمنعهم ذلك من تأكيد مواصلة ضغوطهم عبر نشاط جماهيري واسع ليس فقط في القاهرة وانما في باقي المحافظات بحسب الناطق باسم تجمع المعارضة الدكتور رفعت السعيد.