حسم الحزب الوطني الحاكم في مصر الجدل في شأن طبيعة القرارات التي ستصدر عن المؤتمر السنوي للحزب المقرر أن يعقد الشهر المقبل. ونفى أن تكون بينها تغييرات في المواقع القيادية مثل المكتب السياسي أو الأمانة العامة أو هيئة مكتب الحزب. وكانت توقعات سرت بتولي أمين لجنة السياسات السيد جمال مبارك مسؤولية أمانة الحزب بدلاً من الأمين العام الحالي السيد صفوت الشريف، استناداً إلى أن تولي الشريف أخيراً رئاسة مجلس الشورى يجعل موقف الحزب حرجاً لكون رئيس الشورى هو في الوقت ذاته رئيس لجنة الأحزاب التي تفصل في طلبات تأسيس أحزاب جديدة، ما يجعله خصماً وحكماً في آن واحد. وذهبت تحليلات إلى أن تولي جمال مبارك موقع الأمين العام للحزب سيأتي خطوة نحو ترشيحه لاحقاً لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية. لكن صحيفة "مايو" لسان حال الحزب أكدت أن الشريف باق في موقعه، ما يعني أن ذلك الموقع لن يسند إلى جمال مبارك، موضحة أن "المؤتمر السنوي للحزب ليس مخولاً إجراء انتخابات أو عمل أي تغييرات هي من اختصاص المؤتمر العام". وأوضح الحزب أن الدستور والقانون "لا يمنعان الجمع بين رئاسة مجلس الشورى ولجنة الأحزاب على اعتبار أن الحزب الوطني يتمتع بالغالبية البرلمانية". ونفى الحزب وجود أيّ نية لاستبعاد وزراء سابقين في حكومة الدكتور عاطف عبيد، لم تشملهم التشكيلة الوزارية للدكتور أحمد نظيف من مواقعهم الحزبية استناداً إلى أنهم "أصحاب خبرة وعلم وتجربة وتركهم العمل التنفيذي يمنحهم فرصة أكبر لمزيد من العطاء". واوضح الحزب إن الرئيس حسني مبارك سيوجه كلمة إلى الجماهير في افتتاح المؤتمر يوم 21 المقبل، وسيلقي خطاباً في نهاية أعمال المؤتمر بعدها بيومين يعلن فيه تغييرات إصلاحية مهمة، مشيراً إلى أن الشريف عرض على مبارك أخيراً "الخطة الرئيسية لأوراق العمل التي تمت مناقشتها في الحكومة في شأن التعديلات المقترحة على عدد من القوانين بينها "قانون الأحزاب السياسية، وقانون الانتخابات، وقانون مجلس الشعب، وقانون ممارسة الحقوق السياسية، وقانون النقابات المهنية، إضافة إلى الأمور المتعلقة بحبس الصحافيين في قضايا النشر". ولم يشر الحزب إلى وجود نية لتغيير نظام اختيار رئيس الجمهورية من الاستفتاء على مرشح واحد إلى الانتخاب بين أكثر من مرشح، الأمر الذي تصر عليه قوى وأحزاب المعارضة. وكان لافتاً أيضاً عدم الإشارة إلى قانون الطوارئ على رغم المطالبة المستمرة حتى من جانب شخصيات محسوبة على الحكومة والحزب الحاكم، لوقف العمل بذلك القانون الساري في البلاد منذ العام 1981. ويرى مراقبون أن المؤتمر المقبل للحزب سيحسم بدرجة كبيرة الجدل في شأن السيناريو المستقبلي للبلاد، وما إذا كان مبارك يعتزم ترشيح نفسه لولاية خامسة أم سيكتفي بالولاية الرابعة التي تنتهي في تشرين الأول أكتوبر من العام المقبل. وكانت صحف حزبية ومستقلة تبنت حملات عارضت فيها تنامي الدور السياسي لجمال مبارك، لكن الصحف ذاتها عادت ونشرت نتائج استطلاعات رأي أشرفت عليها جهات أكاديمية وبحثية خلصت إلى أن جمال مبارك صار الشخص الأنسب لتولي الحكم في المستقبل. ويعتقد البعض أن خطوات يجب أن تُتخذ قبل ترشيح جمال مبارك لخوض انتخابات الرئاسة بفترة كافية، بينها إسناد منصب تنفيذي له أو ترفيعه لموقع الأمين العام للحزب حتى يكون ترشيحه للرئاسة طبيعياً. وعلى رغم نفي الرئيس حسني مبارك مرات عدة نيته توريث الحكم لابنه، إلا أن اعتقاداً يسود بأن جمال مبارك سيتهيأ لاستلام الحكم على أن يخوض انتخابات الرئاسة متنافساً مع أكثر من مرشح، فإذا نال الغالبية يكون نال الحكم من دون توريث.