شهدت الجمهورية الشيشانية امس، اوسع تظاهرات احتجاجية منذ اندلاع الحرب الثانية فيها عام 1999. وشارك عشرات الألوف في تجمعات غاضبة بسبب اجراءات جارية للعفو عن ضابط روسي مسجون لقتله فتاة شيشانية. وأثار قرار هيئة خاصة بالعفو عن العقيد الروسي يوري بودانوف غضباً عارماً في الشيشان. وفي اول تحرك من نوعه منذ خمسة اعوام، نزل اكثر من 15الف شيشاني الى الشوارع في العاصمة غروزني، حاملين يافطات نددت بقرار هيئة قضائية خاصة العفو عن العقيد الروسي يوري بودانوف قائد كتيبة الدبابات في بلدة اوروس مارتان الشيشانية. ويقضي الضابط فترة عقوبة تبلغ عشرة اعوام في احد السجون الروسية بسبب قيامه عام 2000 باغتصاب ايلزا كونغايفا 18 سنة التي خطفها من منزلها ونقلها الى وحدة عسكرية ثم قتلها وأمر جنوده بدفن الجثة التي وجدت عارية في غرفته. وهو زعم اثناء المحاكمة انه كان يحقق معها لأنه اشتبه بانخراطها في نشاط ارهابي. وجرت تجمعات غاضبة مماثلة امس، في غالبية مدن الشيشان. ووجه المتظاهرون رسائل الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعوه فيها الى عدم الموافقة على العفو. وتنص القوانين الروسية على مصادقة الرئيس على قرارات العفو الاستثنائية قبل صدورها. وكان اسم بودانوف ارتبط بملف انتهاكات حقوق الانسان في الشيشان. وأثارت محاكمته في حينه ضجة كبيرة، وأحدثت انقساماً واسعاً في المجتمع الروسي، خصوصاً بعدما تشكلت عشرات اللجان للدفاع عنه وسعت جهات بدعم من المؤسسة العسكرية الى تصويره "بطلاً قومياً". وأثار ذلك حفيظة الشيشانيين ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان التي اعتبرت ان سير المحاكمة عكس ازدواجية في التعامل مع الملف الشيشاني وأثار اسئلة حول النظام القضائي الروسي. واضطر الكرملين العام الماضي للتدخل من اجل اصدار الحكم على العقيد. لكن قبل ان يمر عام واحد على صدور حكم بسجنه عشر سنوات مع حرمانه من الاوسمة التي حاز عليها خلال الحرب في الشيشان وطرده من الجيش، عادت قضية بودانوف كما اصطلحت وسائل الاعلام على تسميتها، الى الظهور عندما استغلت هيئة قضائية الاجواء التي سادت بعد كارثة مدرسة بيسلان لإصدار قرار عفو عنه، شمل اعادة الاعتبار الى بودانوف من خلال استعادته رتبه العسكرية والاوسمة التي حرم منها. وسادت حال التوتر في الشيشان فور اعلان الخبر. وهدد رمضان قادروف مسؤول الاجهزة الامنية الشيشانية ب"الاقتصاص من بودانوف اذا خرج الى الحرية". وقال ان الشيشانيين لا يفرقون بين "باسايف الشيشاني وباسايف الروسي" شامل باسايف ويوري بودانوف، مبدياً عن استغرابه لطرح هذا الموضوع "في وقت تتركز الجهود على اعتقال قاتل آخر هو باسايف"، معتبراً ان ذلك سيشكل سابقة خطرة تعزز القناعة بأن القوانين تطبق فقط على الشيشانيين دون الروس.