حمل أعضاء بارزون في الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس جورج بوش، على الأخطاء و"انعدام الكفاءة" في سياسته العراقية، داعين الى شن هجوم بري للسيطرة على معاقل المقاومة سريعاً. ورأى السيناتور الجمهوري جون ماكين ان إدارة بوش ارتكبت "أخطاء خطيرة"، لافتاً الى أن اجراء الانتخابات في العراق سيكون مستحيلاً، إذا لم تستعجل الإدارة هجوماً برياً للقضاء على معاقل المقاومة. وطالب بارسال حوالي مئة ألف جندي أميركي اضافي الى العراق. تزامن ذلك مع حملة عنيفة شنتها صحيفة "واشنطن بوست" على "رعونة" الإدارة الأميركية، متهمة بوش ب"عدم الأمانة". وحض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون في برامج تلفزيونية، بوش الى ان يكون اكثر صراحة مع الشعب الاميركي، بعد كشف تقرير سري لوكالة الاستخبارات المركزية، أعطى صورة قاتمة لما قد يحدث في العراق، وآثار احتمال نشوب حرب أهلية. تشاك هاغل السناتور الجمهوري من ولاية نبراسكا قال في برنامج "واجه الأمة" عبر شبكة "سي بي اس": "نحن في مأزق عميق في العراق، واعتقد بأننا سنضطر للنظر في اعادة تقويم هذه السياسة". واعترف السناتور جون ماكين جمهوري من اريزونا الذي ساند بوش في حملته الانتخابية، بعد منافسة مريرة معه، بارتكاب "اخطاء خطيرة". واشار ماكين في برنامج "فوكس نيوز صنداي" الى اخطاء مثل التساهل إزاء أعمال النهب والسلب بعد الغزو الأميركي للعراق، والفشل في تأمين حدود هذا البلد، لمنع المقاومة من السيطرة على معاقل. ورأى ان هناك حاجة ملحة لحملة برية لاستعادة هذه المعاقل، لكن ديموقراطياً بارزاً اتهم الادارة بالتسويف، خوفاً من الحاق ضرر بفرص اعادة انتخاب بوش لولاية ثانية. وجاء الانتقاد في الوقت الذي يستعد الرئيس الأميركي للقاء رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي، والتركيز بشدة على العراق بعد الهجوم المكثف من المرشح الديموقراطي للرئاسة جون كيري. وبعد كشف تقارير وكالة الاستخبارات المركزية الخميس الماضي، اتهم كيري منافسه بالعيش في "عالم خيالي من الالتواء" في شأن العراق، وعدم قول الحقيقة حول الفوضى المتزايدة في هذا البلد. وقال ماكين ان بوش لم يكن "ربما صريحاً، واعتقد بأنه واضح، لكنني أريد ان أراه أكثر وضوحاً". وذكر ان الكونغرس سيعقد قريباً جلسات حول العراق. الى ذلك، انتقد السناتور ريتشارد لوغار جمهوري من انديانا الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، معالجة ادارة بوش لمسألة الاعمار في العراق، وقال في برنامج "هذا الاسبوع" الذي بثته شبكة "اي بي سي" ان بليون دولار فقط انفقت من 18.4 بليون خصصها الكونغرس، ملاحظاً ان هناك "انعدام كفاءة لدى الادارة". واعتبر ماكين ان شن حملة برية ضروري لاخراج المقاومة من معاقلها، مثل الفلوجة. وشارك غيره من اعضاء الكونغرس من الحزبين القول ان الانتخابات العراقية المقررة في كانون الثاني يناير ستكون مستحيلة إذا لم تنفذ الحملة. وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الاحد ان الجيش الاميركي يعتزم استعادة الفلوجة بحلول نهاية السنة، وتابع ماكين: "علينا ان ننتزع الملاذات، وان نتحمل للأسف مزيداً من القتلى والجرحى. الهجمات الجوية لا تفلح في ذلك، ولا المدفعية تفلح... بل المشاة على الأرض، وكلما زاد تأخيرنا كلما اصبح التحدي اكثر صعوبة، واصبحت خسائرنا في الأرواح أكبر". السناتور جون كايل جمهوري من اريزونا ايد ماكين معتبراً ان "السماح للعراقيين باتخاذ القرارات بعدم التوجه الى بعض الملاذات، لم يكن قراراً صائباً وعلينا تصحيحه الآن بالدخول بمشاة البحرية وفرق الجيش". في المقابل، اتهم السناتور الديموقراطي جو بيدن من ولاية ديلاوير الذي كان يتحدث الى شبكة "اي بي سي" الحكومة الأميركية بتأخير الهجوم، خشية الإضرار بفرص بوش للفوز بولاية رئاسية ثانية. وصرح كيل الى شبكة "سي بي اس" بأن هناك حاجة لتدريب القوات العراقية للمساعدة في ضمان أمن المناطق التي تستعاد من المقاومة، مشككاً في اتهامات وجهت الى بوش بأنه لم يكن صريحاً في شأن الصعوبات في العراق. وكان كيري وديموقراطيون آخرون ذكروا ان بوش يخطط لاستدعاء الحرس الوطني الذي يعمل بعض الوقت وقوات الاحتياط بعد الانتخابات الأميركية، للتعويض عن النقص في الجنود النظاميين المقرر ان يخدموا في العراق. وشدد بيدن على ان خيبة الأمل إزاء سياسات بوش تشمل الحزبين، واضاف: "لوغار وبيدن وهاغل وماكين، كلنا في القارب ذاته، وهذه الادارة اتسمت بانعدام الكفاءة". وقبل ستة أسابيع من الانتخابات الأميركية المتوقعة في تشرين الثاني نوفمبر، شن كيري حملة عنيفة على سياسة بوش في العراق. وجاء في اعلان متلفز لكيري: "مئتا بليون دولار، هذا ما ننفقه في العراق، لأن جورج بوش قرر الذهاب الى هناك بمفرده. والآن، يقول لنا الرئيس انه لم تعد لدينا موارد لننفقها على الصحة والتعليم في اميركا". واللافت ان صحيفة "واشنطن بوست" شنت الاحد، في مقال افتتاحي، حملة عنيفة على استراتيجية الادارة الاميركية في العراق، معتبرة ان "وصف" بوش الوضع في العراق "سخيف الى حد عدم الأمانة". وكتبت ان "الأوهام الكبرى غالباً ما وجهت مسار بوش في العراق، ونعتقد بأن الرئيس كان على حق في مواجهة صدام حسين، ونرحب مثل غالبية العراقيين برحيل النظام السابق، ولكن حتى الآن لا فهم حقيقياً لما يحدث". ونبهت الى ان "كثيرين من الجنود والضباط الاميركيين داعبتهم الأوهام، فيما أبدى كثيرون شجاعة كبرى، لكن أكثر من ألف منهم قتلوا، ودفع آلاف آخرون ضريبة رهيبة، ولا نرى نهاية لهذه الخسائر". وأشارت الى "شجاعة" بوش في اصراره على تحقيق اهدافه، و"رعونة وعدم كفاءة غير عاديين. وختمت الصحيفة: "يقول بوش للناخبين انه سيواصل مهمته في العراق والطريقة التي تجعل هذا الوعد مقنعاً هي الأمانة مع الاميركيين في شأن التحدي الذي يواجهه، والرد عليه بطريقة واقعية".