تهكم رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس رودريغيث ثاباتيرو على الاميركيين، قائلاً: "اوروبا القديمة اصبحت جديدة"، مجيباً بذلك على احتقار واشنطن للدول التي عارضت الحرب على العراق، ومؤكداً مرة اخرى ان اسبانيا عادت الى مكانها الطبيعي في محور برلين - باريس، وانها لن تعود الى الوراء على رغم الضغوط والعقوبات التي كان آخرها الغاء عقد تصليح بعض سفن الاسطول السادس في اسبانيا. وشهدت مدريد قمة غير رسمية ليل اول من امس، رحب خلالها الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الالماني غيرهارد شرودر بعودة اسبانيا الى "قلب اوروبا والى مركز قرار بنائها". وقف ثاباتيرو بين شيراك وشرودر ووضعوا ايديهم فوق بعضها البعض، تأكيداً لتوافقهم على العمل سوياً في اعمار اوروبا وبناء السلام، تماماً كما وقف رئيس الوزراء الاسباني السابق خوسيه ماريا اثنار قبل سنة ونصف بين الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير في جزر "اثوريس" البرتغالية لاعلان الحرب على العراق. ولا يعتبر مشهد ثلاثي مدريد مجرد عودة الى الماضي. فمنذ ابتعاد حكومة اثنار عن "معارضي الحرب" من الاوروبيين، طرأت على اوروبا وعلى محور باريس - برلين تغييرات كثيرة. فعدد دول الاتحاد، زاد من 15 الى 25 دولة. ولم يعد المحور المذكور مركز الجاذبية الوحيد في اوروبا. كما ان الدستور الاوروبي الموحد اصبح حقيقة منذ اواخر ايار مايو الماضي. وفي انتظار اقراره من جانب كل الدول الاوروبية بحلول تشرين الاول اكتوبر المقبل، سيبدأ زعماء الدول الثلاث حملة اعلامية لمصلحة الموافقة عليه في الاستفتاء الذي ستنظمه بعض الدول. لذا بادر ثاباتيرو الاشتراكي الى الدعوة الى تنظيم الاستفتاء الذي سيكسبه بنسبة مرتفعة، قبل فرنسا، ما يساعد الرئيس الفرنسي اليميني على الفوز على معارضي الاستفتاء مثل رئيس الوزراء السابق الاشتراكي رولان فابيوس. موقف ثلاثي مدريد من الحرب على العراق معروف وواضح مثل موقفهم من مكافحة الارهاب الذي "لا يفرق بين الدول" كما اجمعوا. وعلى رغم اعتبارهم هذه القمة مفتوحة امام جميع الاوروبيين كي لا تنزعج بروكسيل من انشاء محاور داخل الاتحاد، فانهم اقروا دراسة انخراط اسبانيا في "مجموعة القتال الفرنسية - الاسبانية". لكن السؤال المطروح هو: ماذا بامكان اسبانيا ان تعطي هذا المحور اكثر من المعنويات؟ وهل ستعوض ما خسرته بسبب خروجها عن الولاء للاميركيين؟ في مطلق الاحوال، فانها، مثل جميع حلفاء الاميركيين، قدمت اكثر مما اخذت. فالمحور الجديد هو تصحيح وتطبيع لوضع كان شاذاً، و لا يتعارض مع علاقات هذه الدول مع واشنطن. انه تطبيق لافكار راسم السياسة الخارجية الاسبانية الوزير ميغيل انخل موراتينوس الذي يردد: "يجب ان نجمع ونزيد لا ان نطرح".