عادت إسبانيا إلى المحور الفرنسي-الألماني الذي كانت تنتمي إليه تقليدياً، وذلك نتيجة استعادة الاشتراكيين الحكم في مدريد. وفقدت الولاياتالمتحدة وبريطانيا حليفاً مهماً في ما وصفه وزير الخارجية الأميركي كولن باول ب"أوروبا الجديدة"، إذ سارع رئيس الوزراء الإسباني المنتخب خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو إلى حض الزعيمين جورج بوش وتوني بلير على "إجراء نقد ذاتي" بشأن تدخلهما في العراق، مؤكداً أن إسبانيا ستسحب قواتها من هناك بحلول حزيران يونيو المقبل، ما لم توضع العملية تحت إشراف الأممالمتحدة. أكد رئيس الوزراء الإسباني المنتخب خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو عزمه على سحب القوات الاسبانية من العراق بحلول الثلاثين من حزيران يونيو المقبل، موعد تسليم السيادة إلى العراقيين، ما لم يطرأ جديد لجهة وضع العملية هناك تحت إشراف الأممالمتحدة، مستبعداً حصول ذلك. وأوضح أن العسكريين الإسبان البالغ عددهم 1300 والمنتشرين في العراق منذ صيف 2003، سيعلن عن سحبهم بعد تسلم مجلس النواب الإسباني الجديد مهماته اعتباراً من الثاني من نيسان أبريل المقبل. وقال ثاباتيرو في حديث إلى إذاعة "كادينا سير" أن "حرب العراق كانت كارثة والاحتلال كارثة". وأضاف أن "حروباً مثل حروب العراق، لا تولد إلا الحقد والعنف والرعب"، مشيراً إلى رغبته في الاتصال بكل الأحزاب السياسية في البلاد، لمناقشة السياسة المستقبلية بشأن العراق. واعتبر الزعيم الاشتراكي أن على الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير أن "يقوما بنقد ذاتي" بشأن الحرب في العراق. وقال: "لا يمكن القيام بقصف شعب ...، عليهما أن يفكرا وأن يقوما بنقد ذاتي لئلا يتكرر ذلك. لا يمكن القيام بأعمال من هذا النوع". موراتينوس وزيراً للخارجية ويتوقع أن يطرأ تحول مهم في السياسة الخارجية لإسبانيا، مع تولي النائب المنتخب عن قرطبة الأندلسية، المبعوث الأوروبي السابق إلى الشرق الأوسط ميغال أنخل موراتينوس حقيبة الخارجية. ويعتبر موراتينوس صديقاً للعرب ولإسرائيل لا لشارون. وهو يردد دائماً أن الحوار في الشرق الأوسط يجب أن ينطلق من بروكسيل مقر الاتحاد الأوروبي وأن "ليس على أوروبا أن تقف وراء الولاياتالمتحدة ولا في وجهها". وسبق لموراتينوس أن انتقد حكومة الحزب الشعبي المنتهية ولايته لأنها "قامت بتحول مقداره 180 درجة في السياسة الخارجية" لإسبانيا، ما حدا بالمراقبين إلى توقع أن تعتمد الحكومة الجديدة تحولاً بالمقدار نفسه، يقربها أكثر من الموقفين الفرنسي والألماني اللذين ابتعدت حكومة أثنار عنهما لمصلحة تحالفها الاستراتيجي مع واشنطن. وفي الوقت نفسه، لا يرى الحكام الجدد الاشتراكيون في مدريد ضرورة لتدخل الأميركيين بين الحكومة الإسبانية وحكومة جارتها المغرب. ولا يؤيدون بالضرورة وجهة نظر الحكومة المنتهية ولايتها في ما يتعلق بالدستور الأوروبي الذي كان محور خلافات شديدة مع باريسوبرلين. ويتهم الاشتراكيون حكومة أثنار بالإسهام في انشقاق أوروبا، من خلال مساندتها الأميركيين على حساب المصالح المشتركة لدول الاتحاد الأوروبي، وذلك على رغم أن تحالف أثنار مع بلير وبوش لم يسهم في حل مشكلة جبل طارق الحساسة بالنسبة إلى الإسبان. ويعبر الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني عن الأصوات المعارضة للسياسة الأميركية. ولم يهضم تحالف حكومة أثنار مع الإدارة الأميركية كما أنه لم يوافقها الرأي في سياستها الأوروبية التي تسببت بمشاكل مع حلفاء إسبانيا التقليديين في الاتحاد فرنسا وألمانيا وهمشت الأخيرة عن بقية المجتمعات الأوروبية عن جيرانها. ردود فعل أوروبية وإثر تأكد فوز الحزب الاشتراكي في الانتخابات الإسبانية، أعلن المستشار الألماني غيرهارد شرودر، وهو اشتراكي ديموقراطي أيضاً، أنه يريد الاجتماع بثاباتيرو "في أسرع وقت ممكن". وذكرت مصادر مطلعة أن برلين تتوقع الآن "تنسيقاً أفضل مع مدريد على مختلف الصعد" بسبب تقارب مواقف الحزبين في السياسات الداخلية والخارجية، خصوصاً في موضوع الدستور الأوروبي الذي لم يقر بعد بسبب معارضة حكومة أثنار وبولندا لمبدأ التصويت بالأكثرية.