أحدثت نتائج الانتخابات في اسبانيا "زلزالاً"، اذ أعادت مدريد الى الحظيرة الاوروبية، تحديداً الى المحور الفرنسي - الالماني، فيما انهمكت دول الاتحاد الاوروبي في البحث عن سياسة امنية خاصة تحميها من الارهاب، في وقت حمّل قادة اوروبيون "الحرب الاميركية على الارهاب" مسؤولية وصول الارهاب الى ابوابهم. راجع ص 10 وبدا ان الولاياتالمتحدة فقدت حليفاً مهماً في اوروبا، اذ سارع رئيس الوزراء الاسباني المنتخب خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو الى حضّ الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير على "اجراء نقد ذاتي" في شأن تدخلهما في العراق، مؤكداً أن اسبانيا ستسحب قواتها من هناك بحلول حزيران يونيو المقبل، ما لم توضع العملية تحت إشراف الاممالمتحدة، الامر الذي اعتبره مستبعداً. وقال ثاباتيرو ان "حرب العراق كانت كارثة، والاحتلال كارثة". واضاف ان "حروباً مثل حروب العراق، لا تولد إلا الحقد والعنف والرعب". وتطابق ذلك مع كلام رئيس المفوضية الاوروبية الزعيم الاشتراكي الايطالي رومانو برودي الذي اعتبر ان اعتداءات مدريد تظهر ان حصيلة الحرب على العراق "سلبية" لأن "الارهاب بات اقوى بكثير مما كان عليه قبل عام". ورأى برودي أن "اوروبا بأسرها تشعر بأنها تتعرض لهجوم" نتيجة اعتداءات مدريد الخميس الماضي، مشيراً الى ان "الرد الاوروبي على الارهاب يجب ان يكون اكثر تشعباً من الرد الاميركي". في الوقت نفسه، قال وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان ان "هناك بؤرتين تغذيان عدم الاستقرار والإرهاب في العالم وهما بالطبع ازمة الشرق الأوسط والعراق". وتستعد دول الاتحاد الاوروبي الى عقد اجتماع في بروكسيل يوم الجمعة المقبل، لمناقشة الوضع الأمني في القارة، وتعزيز تبادل المعلومات بين اجهزة الأمن الأوروبية، في حين لم يستبعد وزير الداخلية الالماني اوتو شيلي ان تلجأ بلاده الى "إبعاد كل اجنبي يشكل خطراً امنياً"، خصوصاً اولئك الذين تلقوا تدريبات عسكرية في افغانستان. وتهيمن قضية مكافحة الارهاب على الاجتماع المقرر في باريس اليوم بين الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الالماني غيرهارد شرودر الذي بدأ يتعرض لضغوط داخلية لسحب القوات الالمانية من افغانستان، والتراجع عن خطة تدريب الشرطة العراقية على ايدي خبراء من بلاده. وسعى وزير الخارجية الاميركي كولن باول الى التقليل من اهمية التحول في السياسة الاسبانية، معتبراً ان مدريد "لا تزال ملتزمة القتال ضد الارهاب" على رغم اعلان رئيس وزرائها الجديد نيته الانسحاب من العراق. الى ذلك، يتوقع ان تعود الديبلوماسية الاسبانية بقوة الى المحور الفرنسي - الالماني، في ظل تحول مقداره 180 درجة عن السياسة التي كانت تتبعها حكومة رئيس الوزراء المحافظ خوسيه ماريا أثنار. وستكون ابرز معالم هذا التحول، تولي المبعوث الاوروبي السابق الى الشرق الاوسط ميغيل انخيل موراتينوس حقيبة الخارجية.