اضطر الرئيس الاميركي جورج بوش امس للتخفيف من لهجته التهديدية لطهران إزاء رفضها التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وذلك بعد ثلاثة ايام من الكشف عن فضيحة تسريب مسؤول اميركي في البنتاغون وثائق سرية الى اسرائيل تتعلق بإلموقف الاميركي من ايران. في غضون ذلك، اعلن وزير الاستخبارات الايراني علي يونسي اعتقال عدد من "الجواسيس" الذين كانوا ينشطون لنقل معلومات عن المنشآت النووية الايرانية، فيما اكدت القوات المسلحة الايرانية استعدادها للرد على اي اعتداء اسرائيلي. ولم يسم يونسي الجهة التي عمل المعتقلون لحسابها، لكنه اشار ضمنياً الى الولاياتالمتحدة، بقوله ان معظم المعتقلين ينتمون الى منظمة "مجاهدي خلق". راجع ص 8 وعلى رغم ادعاءات بأن ايران تعمل على تطوير اسلحة نووية، استبعد بوش الخيار العسكري ضدها، مؤكداً ان "المسار الديبلوماسي لا يزال في بداياته" لمعالجة الأزمة. ورداً على سؤال عن مدى استعداده لتوجيه "ضربة اجهاضية" لإيران على غرار ما فعل في العراق، ابلغ الرئيس الاميركي شبكة "ان بي سي" الاخبارية ان "الحرب في العراق جاءت بعدما استنفد العمل الديبلوماسي" على مدى عشر سنوات. وقال ان "الخيار العسكري هو دائماً الخيار الاخير للرئيس، وليس الخيار الاول"، مشيراً الى ان "الجهد الديبلوماسي تجاه ايران لا يزال في بداياته". وشدد على ضرورة "العمل مع الآخرين لإيصال رسالة الى ايران بأننا نتوقع منهم ان يتخلوا عن طموحهم النووي". وقالت مصادر ديبلوماسية عربية في واشنطن أن "فضيحة التجسس" الاسرائيلي في البنتاغون "اضطرت بوش الى التخفيف من لهجته التصعيدية ضد طهران". واوضحت ان ادارة بوش "تخشى ان يتم الربط بين اي مواجهة محتملة مع ايران في المستقبل وسعي المحافظين الجدد في الادارة الى التحريض على ضربة عسكرية للمنشآت النووية الايرانية على غرار تحريضهم ضد العراق". واعتبرت أن "هناك قلقاً كبيراً في ضوء الكشف عن الفضيحة بأن المحافظين الجدد في الادارة يديرون السياسة الخارجية الاميركية في الشرق الاوسط لمصلحة اسرائيل". وجاءت لهجة التهدئة على لسان بوش إثر تصعيد اسرائيل تهديداتها العسكرية لإيران. وحذرت اسرائيل بأنها ستهاجم المنشآت النووية الايرانية لمنع ايران من انتاج اسلحة نووية، فيما هددت ايران بالرد بقوة على اي اعتداء اسرائيلي على منشآتها. ونسبت مصادر اسرائيلية تسريب المعلومات عن احتمال تورط مسؤول البنتاغون لورانس فرانكلين بالتجسس لمصلحة اسرائيل الى "عناصر معادية لإسرائيل" داخل وكالة الاستخبارات المركزية سي آي اي. واعتبرت ان الهدف من الكشف عن التحقيق الذي استمر على مدى عام كامل "هو احراج ادارة بوش ومحاولة ضرب التحالف الاستراتيجي بين اسرائيل واميركا وإثارة تساؤلات حول اسباب تطابق الموقفين الاميركي والاسرائيلي إزاء التهديدات الايرانية". الى ذلك، تراجع بوش ايضاً عن تصريحات ادلى بها قبل يومين وقال فيها انه ليس بالإمكان تحقيق نصر على الارهاب. وقال امس ان اميركا "ستنتصر على الارهاب"، في محاولة لإحتواء انتقادات وجهتها له حملة المرشح الديموقراطي جون كيري بأنه يريد ابقاء التهديد الارهابي مفتوحا الى ما نهاية لتبرير سياسات عدوانية وابتزاز الرأي العام الاميركي لدعمها.