نفت أوساط قريبة الى رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون الأنباء عن انه ناقش أثناء اجتماعه مع الرئيس جورج بوش، الشهر الماضي، احتمال قيام اسرائيل بتوجيه ضربة استباقية للمنشآت النووية في ايران. وكانت اذاعة الجيش نقلت عن ديبلوماسيين في السفارة الاسرائيلية في واشنطن "ان شارون أبلغ بوش ان المفاعل النووي الايراني في بوشهر سيشكل تهديداً لوجود اسرائيل في حال دخل مرحلة انتاج اليورانيوم، مما يتطلب القيام بعمل سريع". وعاودت وسائل الإعلام في اسرائيل طرح الملف الايراني، في أعقاب ما نشر في صحيفة "واشنطن بوست" أول من أمس عن قلق الادارة الاميركية من احتمال قيام اسرائيل بتوجيه ضربة لتدمير ما تم انجازه في ايران في مجال التكنولوجيا النووية بهدف منعها من بلوغ نقطة اللاعودة، أي امتلاك قدرات على انتاج أول قنبلة نووية. وذكرت الصحيفة الأميركية ان شارون الذي استعان بصور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمنشآت النووية الايرانية، عرضها على بوش، ترك الانطباع لدى الأميركيين بأن اسرائيل تخطط لعمل عسكري على غرار ما قامت به العام 1981 عندما قصفت المفاعل الذري في العراق، وانها معنية بتنفيذ مخططها قبل أن تنجح ايران في الحصول على أسلحة نووية "تهدد المنطقة بأسرها بكارثة نووية". وأضافت ان التقديرات الاسرائيلية للفترة الزمنية التي تحتاج اليها ايران لتحقيق الهدف الذي تصبو اليه تختلف عن التقديرات الأميركية. إذ تتحدث اسرائيل عن عام أو عامين على الأكثر فيما ترجح التقديرات الأميركية ان تمتد الفترة الى أربعة أعوام. وزادت انه بناء على التقديرات الاسرائيلية تطالب تل أبيب ب"العمل فوراً لفرملة الجهود الايرانية واجهاضها"، أي أن أمامها عاماً واحداً على الأكثر لتفعل ذلك! وكتبت صحيفة "هآرتس" العبرية ان شارون أراد من خلال "الطرح الدراماتيكي للتهديد الايراني" التعبير عن عدم رضاه إزاء معالجة واشنطن لهذا الملف مما دفع بها، في الفترة الأخيرة، الى تكثيف ضغوطها على روسيا لمنع تزويد ايران مواد وتكنولوجيا، وانها تحاول اقناعها بعدم تزويدها وقوداً نووياً للمفاعل في بوشهر. ورأى المعلق السياسي في الصحيفة الوف بن ان "واشنطن بوست" لم تكشف شيئاً عن المخططات العسكرية الاسرائيلية ونيات الحكومة في ما يتعلق بايران، لكن يمكن الاستشفاف بأن شارون ما زال يتمتع ويستفيد من "الصورة الرادعة لزعيم خطير وبطاش لن يتردد عن القيام بعمل عسكري والتشويش على البرامج والمصالح الاميركية في الشرق الأوسط". وزاد ان شارون لجأ الى هذا السلوك عشية الحرب على العراق على نحو جعل الادارة الاميركية تخشى من تدخل اسرائيلي في الحرب "فأقدمت على تدليل اسرائيل بالدفاع عنها ودعمها عسكرياً ومادياً". واعتبر ان شارون يلازم الحذر في اطلاق الوعيد لايران ليتفادي تصعيداً لا لزوم له وأنه يفضل أن يحيط موقفه بالضبابية تاركاً العرب والايرانيين والاميركيين قلقين إزاء هذا الغموض. ويلاحظ المعلق ان اسرائيل تدرك ان توجيه ضربة عسكرية لايران أكثر تعقيداً من عملية قصفها المفاعل العراقي. اذ ان المسافة أطول ما يحتم عليها عبور طائراتها أجواء دولتين يستبعد ان تتعاونا معها في هذا المضمار "وليس أقل أهمية من ذلك حقيقة ان ايران قادرة على الرد بضربة مؤلمة لاسرائيل"، ما يجعلها تخفض نبرة تهديداتها لتدع الولاياتالمتحدة قيادة المعركة ضد التسلح الايراني عبر قنوات ديبلوماسية. من جهته أفاد التلفزيون الاسرائيلي الرسمي ان اسرائيل قد لا تلجأ الى سلاحها الجوي لتدمير المفاعل النووي في ايران انما الى خبرة عملاء جهاز استخباراتها الخارجية موساد الذي لعب دوراً كبيراً في تدمير المفاعل العراقي.