بقي الوضع في مدينة النجف على حاله أمس مع استمرار التجاذبات السياسية والاشتباكات المتقطعة بين انصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر والقوات الاميركية والعراقية، بانتظار رد من المرجعية الشيعية على اقتراح "جيش المهدي" إرسال لجنة لجرد الممتلكات الموجودة في الصحن الحيدري التي تخشى المرجعية ان يكون العبث طاولها. وفيما أعلنت قيادة الصدر تعليق تسليم مفاتيح مرقد الامام علي الى حين تلقيها رد آية الله علي السيستاني الذي يمضي فترة نقاهة في بريطانيا، تجدد القتال في محيط المرقد وحصد وفق حصيلة لوزارة الصحة 79 قتيلاً و165 جريحاً سقطوا خلال 24 ساعة من المواجهات في النجف والكوفة. وفيما كرر نائب رئيس الجمهورية العراقي ابراهيم الجعفري انتقاد الطريقة التي عولجت بها ازمة النجف من جانب الحكومة، وأكد انه كان ممكناً احتواؤها سلما، جددت ايران دعوتها الى عقد قمة اسلامية طارئة للبحث في التطورات في العراق وخصوصاً في جنوبه. وأعلن الشيخ أحمد الشيخ الشيباني الناطق باسم الصدر ان تسليم مفاتيح المرقد "عُلّق لأننا ننتظر رداً من آية الله السيستاني على تشكيل لجنة" لجرد الممتلكات الموجودة داخله. واضاف: "لا نعلم كم من الوقت سيستغرق ذلك. كل شيء مرهون بالوضع وبآية الله السيستاني"، مؤكداً "أن مكتبه يؤيد قبول المفاتيح لكن الإجراء صعب". غير ان مصدراً قريباً من المرجعية رد في تصريح الى "الحياة" على الشيباني، معتبراً ان "ما من فائدة ترجى من تسلم المفاتيح بدون اقفال الضريح"، مشيراً إلى ان الهدف من المطالبة بمفاتيح الروضة الحيدرية هو محاولة منع استخدامها كساحة صراع من جانب الأطراف المتنازعين، وأكد ان "غالبية العراقيين تعمل على اقناع الصدر بالخروج من الصحن الحيدري والقتال بعيداً عن الاضرحة والمراقد المقدسة والمدن السكنية"، لافتاً إلى ان اصرار أنصار الصدر على "ابقاء الصحن الحيدري تحت سيطرتهم لا مبرر له ولا يأتي بالنفع على أحد". وكان وفد حكومي عراقي برئاسة الأمين العام لسكرتيريا مجلس الوزراء زهير حمادي، عاد السيستاني في لندن بعد خضوعه أخيراً لعملية قسطرة. وأعرب حمادي عن أمله في عودة المرجع الشيعي قريباً الى العراق "لأن وجوده مهم جداً لأمتنا". ومع مراوحة المفاوضات، تجددت الاشتباكات وتبادل انصار الصدر والقوات الاميركية الهجمات في محيط مرقد الامام علي حيث دوت نهاراً اصوات الرشقات والانفجارات، بعدما شن الطيران الاميركي ثلاث غارات فجر امس قرب الضريح. وامتدت المواجهات أيضاً الى مدينتي العمارة والبصرة جنوب حيث وقعت اشتباكات بين "جيش المهدي" والقوات البريطانية، كما قُصف عدد من قواعد القوات المتعددة الجنسية. وصرح المدير العام للصحة في النجف فلاح المحنا ان القتال حصد خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية 79 قتيلاً اربعون منهم في الكوفة و165 جريحاً بناء لكشوفات المستشفيات في المنطقة، واشار الى صعوبات تعانيها سيارات الاسعاف في الوصول الى المصابين بسبب عنف الاشتباكات. وعلى صعيد أمني آخر أعلن الجيش الاميركي امس ان خمسة من جنود مشاة البحرية المارينز قتلوا في حوادث منفصلة في محافظة الانبار وفي الموصل، وأوضح ان جندياً قتل السبت اثناء عملية امنية وتوفي اثنان آخران في وقت لاحق متأثرين بجروحهما التي اصيبا بها في عملية "أمنية". وقتل جندي رابع في حادث اصطدام بين سيارة عسكرية من طراز "هامفي" ودبابة اميركية، وقتل جندي وجرح اثنان في انفجار عبوة ناسفة في الموصل. خاتمي يدعو الى قمة اسلامية في هذا الوقت، جدد الرئيس الايراني محمد خاتمي دعوته لعقد قمة اسلامية طارئة، وبحث هاتفياً مع رئيس وزراء ماليزيا والرئيس الدوري لمنظمة المؤتمر الاسلامي عبد الله أحمد بدوي في الأوضاع في العراق التي وصفها بأنه "مقلقة للعالم الاسلامي ودول المنطقة". ونقلت قناة "الجزيرة" أمس عن أوس الخفجي، أحد مساعدي مقتدى الصدر، ان مسلحين أفرجوا عن الصحافي الاميركي ميكا غارين الذي اختطفوه قبل اسبوع.