استؤنفت المعارك في مدينة النجف أمس، بعدما وصلت المفاوضات بين ممثلي الحكومة العراقية الموقتة و"جيش المهدي" الموالي للزعيم الشيعي مقتدى الصدر الى طريق مسدود، في وقت قُتل جندي هولندي وضابط أوكراني في هجومين منفصلين في جنوبالعراق ووسطه. وجاء ذلك فيما أصيب اربعة جنود بولنديين في هجومين على قافلتهم في محافظة واسط جنوب. قصفت الدبابات الاميركية امس مقبرة "وادي السلام" في النجف، شمال مقام الإمام علي، حيث يتحصن مقاتلو "جيش المهدي" الموالي للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، في تجدد للقتال بعد هدنة لم تدم اكثر من 48 ساعة. وفي جنوبالمدينة القديمة، أطلق جنود اميركيون النار في الهواء لإرغام السيارات المدنية الموجودة في المنطقة على إخلائها. ووقعت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة، فيما سمع دوي انفجارات قذائف الهاون والمدافع من ناحية المدينة القديمة التي تحاصرها القوات الأميركية وتسمح للناس بالخروج منها، فيما تمنع الدخول اليها. في هذا الوقت، غادر الصحافيون العراقيون والأجانب مدينة النجف تحت تهديد الشرطة التي حضتهم على ذلك ل"دواع أمنية"، بعد انهيار المحادثات الرامية الى إنهاء القتال بين "جيش المهدي" والقوات الاميركية. وأوضح مدير شرطة النجف اللواء غالب الجزائري انه يتعين على جميع العاملين في وسائل الاعلام مغادرة المدينة "عند منتصف نهار الأحد امس"، مشيراً الى أنه لن يكون في وسعه ضمان سلامتهم بعد ذلك. وأكد: "وصلتنا أوامر من الوزير فلاح النقيب بضرورة خروج الصحافيين المحليين والعرب والأجانب من دون استثناء من المدينة خلال ساعتين". وزاد ان "عليكم نقل امتعتكم ومعداتكم واجهزتكم والخروج من المدينة". وتابع الجزائري ان "هناك معلومات تؤكد امكان تعرضكم للأذى، فمن الأفضل لكم ان تغادروا المدينة. كما ان هناك معلومات تشير الى وجود سيارة مفخخة تحمل 250 كيلوغراماً من المواد المتفجرة موجهة ضدكم فلهذا وحفاظاً على ارواحكم عليكم الخروج من المدينة". وينتشر حوالى الفي جندي من القوات الاميركية و1800 آخرين من قوات الأمن العراقية حول النجف التي يقطنها قرابة 600 ألف نسمة. وأعلنت وزارة الصحة حصيلة نهائية للعمليات العسكرية خلال ال24 ساعة الماضية في بغداد وثلاث مدن عراقية أخرى، والتي أسفرت عن سقوط 27 قتيلاً واصابة 124 بجروح. وتابع المصدر ان أربعة قتلوا في بغداد، فيما أصيب 45 آخرون، مشيراً الى ان المواجهات في الحلة أسفرت عن مقتل 14 عراقياً واصابة 37 آخرين. أما في تكريت، فبلغ عدد القتلى ثلاثة والمصابين 35، فيما قتل في الفلوجة ثلاثة عراقيين وأصيب سبعة. وأضاف المصدر ان "ثلاثة اشخاص قتلوا واصيب 10 آخرين في مدينة بغداد". في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الهولندية ان جندياً هولندياً قُتل، كما أصيب خمسة آخرين بجروح بالغة ، بعدما تعرضوا لاطلاق نار في مدينة الرميثة جنوب. وأوضحت الوزارة في بيان ان تبادل اطلاق النيران بدأ على الارجح بعد هجوم على عربة عسكرية في الرميثة حيث تتمركز قوات هولندية. وقال ناطق باسم الوزارة ان هذا هو ثاني جندي هولندي يقتل في العراق حيث ينتشر 1200 عسكري هولندي، بعد مقتل جندي آخر في ايار مايو الماضي. وذكرت الوزارة ان المصابين الخمسة وأحدهم من الشرطة العسكرية وأربعة من الجيش "تجاوزوا مرحلة الخطر وأصبحت حالهم مستقرة". وبعد تعرض القوة الهولندية لهجوم، أرسلت قوة للرد السريع وطائرات هليكوبتر من طراز "اباتشي"، في حين ساعدت هليكوبتر أميركية من طراز "بلاك هوك" في عملية نقل الجرحى. وأعرب رئيس الوزراء الهولندي يان بتر بالكينيندي في بيان عن صدمته لمقتل الجندي، لكنه وعد بان بلاده "لن تركع أمام الارهاب". وقال: "انه ليس هجوماً من الشعب العراقي بل من أشخاص يحاولون تخريب اعادة اعمار العراق". يذكر ان البرلمان الهولندي مدد أخيراً مهمة القوات الهولندية التي تتمركز في شكل أساسي قرب بلدة السماوة جنوب، والتي اتسمت بهدوء نسبي مقارنة بأجزاء أخرى من العراق. كما يتمركز جنود يابانيون قرب السماوة في أول انتشار عسكري لليابان في منطقة قتال خارج البلاد منذ الحرب العالمية الثانية. في غضون ذلك، أعلن الجيش الأميركي في بيان أن جندياً اميركياً قتل في انفجار عبوة ناسفة شمال بغداد، مشيراً الى ان تحقيقاً فتح لمعرفة تفاصيل الحادث. في الوقت ذاته، اعلن الكولونيل ارتور دومانسكي الناطق باسم الفرقة المتعددة الجنسية الخاضعة لقيادة بولندية ان ضابطاً أوكرانياً قتل في انفجار لغم في محافظة واسط جنوببغداد. ونقلت وكالة الانباء البولندية عن دومانسكي ان الضابط قُتل خلال مشاركته في دورية في ضواحي مدينة الصويرة. واضاف: "لم يصب أي جندي آخر من الدورية". يذكر أن اوكرانيا تنشر حوالى 1600 جندي منذ ايلول سبتمبر الماضي في محافظة واسط وسط شرقي العراق في اطار القوة المتعددة الجنسية. وبعد ساعات على مقتل الضابط الأوكراني، أصيب اربعة جنود بولنديين في المنطقة ذاتها في انفجار لغم. من جهة ثانية، أعلنت القوات الاميركية انها فككت عبوة ناسفة خارج مبنى وزارة الصحة العراقية على الجانب الآخر من جسر "14 رمضان" في بغداد.